على بُعد ساعات من اجتماع الدول الضامنة لمسار أستانا المُقرر عقده في سوتشي غداً، ومع انتهاء كل المُهل الزمنية المَمنوحة – والمُممدة – للنظام التركي ليَفي بتَعهداته، من الواضح أنّ ثمة إجراءات حاسمة ستُتخذ، من شأنها أن تَضع حداً للتلاعب، للمُماطلة، للتَّسويف، لمُحاولات الابتزاز، وللتَّعطيل المُستمر بذرائع مُختلفة، فقد طفحَ الكيل وانكشفت المُناورات القذرة، بعد أن تَقلَّصت المساحات، وافتُضحت الغايات الأردوغانية.
كل المُؤشرات تُؤكد أنّ ساعة الحقيقة ستكون في سوتشي إن لجهة كشف كل الأوراق انتقالاً لمرحلة ما بعد التّنكر التركي لما جرى التوقيع عليه ومُحاولة التلاعب به والالتفاف عليه تحت عناوين زائفة لا بد من طي صفحتها، أو لجهة البدء بخطوات حازمة تُنهي الوضع الشاذ في مدينة إدلب ومُحيطها مرّة واحدة وإلى الأبد، ذلك أنه لا مكان لجيوب إرهابية فيها، ولا في ريف دير الزور، ولا مَحل لأي طرح يتحدث عن مناطق عازلة أو آمنة أو شريط حدودي هنا أو استثناء هناك.
لن يُقبل أي عذر لنظام أردوغان الداعم حتى الآن للإرهابيين، فقد صار جلياً أنه يَكذب ويُراوغ، ولا يَلتزم، حتى ما يُروّج له من أنّ بعض الفصائل الإرهابية لا تَستجيب له وقد تَمردت عليه، بات إدراجه تحت عنوان التشكيك أمراً مُخففاً ودبلوماسياً، لأن الحقيقة غير ما يَدّعي، إذ ما زال يَستثمر ويَتلاعب ويُبيّت، ولا محل للصدق في مواقفه وتصريحاته، حتى ما يتعلق منها باتفاق أضنة، ذلك أنّ العودة للاتفاق إياه -التزاماً وتنفيذاً- تُوجب على تركيا استحقاقات أولها الانسحاب من الأراضي السورية.. وليس آخرها، وقفُ دعمها المُستمر للمُرتزقة وفصائل الإرهاب، فضلاً عن إعلان التّخلي عن دورها بمُخططات العدوان الصهيوأميركي!.
استمرار الاعتداءات الأميركية على مناطق ريف دير الزور، والتنسيق الأميركي التركي بشأن هذه الاعتداءات، وبشأن ما يَحلو للجانبين عَنونته تحت مقولة ما يُسمى (ملء الفراغ) بعد انسحاب القوات الأميركية المُحتلة، أمرٌ يتناقض كلياً مع تفاهمات أستانا ونص اتفاق سوتشي، ويؤكد استمرار انخراط نظام أردوغان بأجندة العدوان، ويُضاف إلى سلسلة طويلة من الأدلة التي تُدين وتُجرم نظامه، وتُثبّت واقعَ أنه جُزء من المشكلة، ولا يمكن أن يكون جُزءاً من الحل.
الحركةُ الواثقة لجيشنا وقواتنا المسلحة رداً على استفزازات التنظيمات الإرهابية في ريفي حماة وإدلب، وباتجاه إحباط مُحاولات الإشغال واستهداف نقاطه والمدنيين، لن تتوقف عند هذه الحدود، بل ستُحبط ما تُخفيه قوى العدوان المُشغلة التي تقف خلف هذه التنظيمات، من أميركا إلى تركيا مروراً بالسعودية وقطر وفرنسا وانكلترا.. فاجتماع سوتشي ساعةُ حقيقة لا مَفر منها، ومَفصلٌ أساسي سيُؤسس عليه الكثير.
كتب علي نصر الله
التاريخ: الأربعاء 13-2-2019
الرقم: 16908