إذا أردت أن تعرف مدى رقي شعب وتطوره, فتستطيع الحكم عليه من الثقافة والعلم الذي يمتلكه أفراده ومجتمعه, فكلما ازدادت الثقافة والرصيد المعرفي ازداد رقي وتقدم الأمة, ولطالما كانت حمص منبع الثقافة والعلم ونتيجة الحرب تعثرت واليوم تنهض, فكان لنا وقفة مع ندوة حوارية مفتوحة بعنوان «الواقع الثقافي في محافظة حمص» لتعيد توهجها الثقافي, أقامها فرع اتحاد الصحفيين بحمص برعاية مديرية الثقافة ومشاركة رئيس فرع اتحاد الكتاب الدكتور عبد الرحمن بيطار و ومدير الثقافة حسان اللباد وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة البعث سمر ديوب والأديب عيسى اسماعيل حيث تحدثت كل جهة عن دورها في الرقي بالثقافة وكيفية العمل على تطويره.
فأدار الحوار رئيس فرع اتحاد الصحفيين بحمص بسام علي بعد الترحيب بالحضور والوقوف دقيقة صمت لأرواح شهدائنا الأبرار, سنتناول غيضا من فيض ما ورد في الحوارية التي بدأها الدكتور عبد الرحمن بيطار قائلاً: «يدل اهتمام الحضور لتعافي بلدنا وقضية الثقافة هي عصب الحياة وهي معرفة مدلول الثقافة هي معرفة اشياء عامة,ويحتاج ذلك لوعي حقيقي بكل الامور مع ضرورة أن يكون الكاتب ملماً بكل تفاصيل الحياة كي يعكس الواقع في اعماله وواقع فرع اتحاد الكتاب يعكس الثقافة بحمص من خلال نشاطاتها المكثفة التي لا تنتهي.
وأضاف مدير الثقافة حسان اللباد: الثقافة هي هوية المجتمع ووزارة الثقافة الأداة الحقيقية للارتقاء بها إلى أرقى المستويات ويقع على عاتقنا مسؤولية ايصال هذه الرسالة أما عن الواقع الثقافي وتطلعاتنا: فدائرة المسرح تتسع 850كرسيا تضم جميع الفعاليات من داخل وخارج المحافظة وقد جهز بشكل كامل من إضاءة وصوت ونحن بصدد تأهيل المسرح كخشبة مسرح من الناحية التقنية حيث يعاني المسرحيون من عمق المسرح نحو الداخل.
ويعتبر المجمع الثقافي في حي الشماس من أعلى المستويات ويعتبر رائدا على مستوى سورية.
وكان لحضور الدكتورة سمر ديوب ألق خاص فقالت: «إننا نشعر بعزوف كثير من الناس عن حضور من النشاطات الثقافية في المحافظة ولا سيما في المساء، وفي هذا تبطيء للمشهد الثقافي على الرغم من الجهود الحثيثة والمشكورة في المحافظة لتفعيل الجو الثقافي من جديد.
فاقمت الأزمة تحديات العمل الثقافي، والإبداع الثقافي ذو طابع اجتماعي بحكم شروط البيئة والعصر، فلا توجد ثقافة لا تتأثر بشروط إنتاجها؛ لذا نطمئن إلى القول إن الثقافة مرادفة للمدنية والحضارة، والحقل الثقافي حقل متغير تبعاً لتطور الحياة. نحتاج في الوقت الحاضر إلى وضوح أكبر لتحديد الخطة الثقافية في حمص، يجب ألا تكون الأهداف قريبة ومباشرة، كالاستمرار في العمل على الرغم من المعوقات الموجودة، وتشجيع المواهب، وإقامة المسابقات، والإعلان عن جوائز يجب أن تكون الأهداف أكثر بعداً كالتركيز على محاربة ثقافة العنف والإرهاب، وردم الهوة بين الأجيال، وربط المجتمع بتراثه الحي ففي السنوات الثماني العاصفة استمرت الثقافة مع عثرات، لكنه الاستمرار الذي يقوم على متابعة النشاط الثقافي على الرغم من الظروف.
أفرزت الأزمة ضرورة إعادة بناء الوعي والعمل بجدية لنشر الوعي الثقافي. ونمتلك في حمص الكوادر المؤهّلة لذلك.
ومن مشاركة عيسى اسماعيل اخترنا: المشهد الثقافي بحمص غريب متنوع وكثيف, قلما يمضي يوم إلا ويكون أكثر من نشاط مع أننا نطالب بالتنسيق بين الجهات الثقافية.
فنرى في حمص ظاهرة قلما نجدها في محافظة أخرى وجود مؤسسات ثقافية أهلية موحدة بحمص مثل الجمعية التاريخية ورابطة الخريجين الجامعيين واغلبها لها نشاطات دورية اسبوعية او نصف شهرية وهي منابر ثقافية لها جمهورها.
وتتميز رابطة الخريجين الجامعيين بانها جاءت رداً على الانفصال وتستهدف نشر وتعزيز الفكر الوطني والقومي, ومنذ تأسست استضافت العديد من الادباء من سورية وخارج سورية من المغرب والجزائر ولبنان.
ونعمل على نشر الثقافة النوعية بموضوعاتها وتستضيف المتميزين بالعمل الثقافي الأدبي,استأنفت الرابطة نشاطها منذ عامين تقريبا وللرابطة نشاط ثقافي نصف شهري واحيانا يصبح اسبوعيا ويوجد دائما تعاون وثيق بين المؤسسات الثقافية الأخرى مثل الجمعية التاريخية وجمعية العاديات وقدمنا خلال العام الماضي قرابة 40 نشاطا بين شعر وقصة ومحاضرات فكرية ونقدية وأدبية وعدة حفلات موسيقية بالمناسبات الوطنية والقومية, ويضاف إلى ذلك ارشفت وتوثيق جميع النشاطات في الرابطة وتمتلك مكتبة ضخمة بهدف الإعارة, ولدينا خطة طموحة خلال هذا العام الاستمرار بالنشاطات الدورية واستئناف المهرجانات السنوية الثقافية مثل مهرجان الشعر السنوي وملتقى القصة القصيرة.
لابد من خلق خطة ثقافية لمواجهة العدوان المتواصل على سورية ويجب أن يرتكز على عدة عوامل: الالتزام بالخط الوطني والقومي للقطر العربي السوري نشر ثقافة الأمن وتمتين ثقافة النسيج العربي السوري.
وبما أن الإعلام مرآة الثقافة فلا نستطيع أن نغفل دور صحيفة العروبة التي تجاوز عمرها 60 عاما وتسلطها الضوء على كافة نشاطات المدينة.
وسنورد بعض التوصيات لنثري المشهد الثقافي في حمص: لابد من الدعم المادي للأدباء والمحاضرين بزيادة أجور المحاضرات, وكثرة النوادي الأدبية الأهلية دون ضوابط مع رداءة المستوى اللغوي.
ومن أبرز المداخلات:
الكاتب سائر القاسم: رأى ان تكون هناك دعوة للكتاب لتوثيق الاحداث التي مرت بالوطن بعدما لوحظ انه لم يكن هناك دور للمبدعين والكتاب في توثيق هذه الحقبة متسائلا عن دور المؤرخين في هذه المرحلة.
الكاتب سامي الاسعد:دعا الى رفع اجور المحاضرين والابتعاد عن المحسوبية في انتقائهم بما يرتقي بالفكر الثقافي…
الاعلامية ميمونة العلي: وجدت ان النوادي الثقافية دليل على قصور في دور المؤسسات الثقافية الرسمية داعية الى ضرورة ان تنضوي هذه النوادي تحت رعاية الجهات الثقافية الرسمية واعربت العلي عن حيرتها لنسبة الضرائب المفروضة على النشاطات الثقافية والعمل الفكري الثقافي والاعلامي والتي تصل نسبتها الى عشرين بالمئة.
الإعلامي عبد الحكيم مرزوق: دعا الى تشكيل لجنة من المستشارين من ادباء ومثقفين لوضع خطة تنموية للمراكز الثقافية في كل انحاء المحافظة وتكليف نخبة المثقفين.
رئيس فرع اتحاد الصحفيين بحمص بسام علي:رأى ان الاعلام صنف من الاصناف الادبية وهو لا ينفصل عن الثقافة فكلاهما يهدف الى اعلاء الكلمة والتسليط على القضايا التي تلامس هموم الناس وبلورتها في اطار قصصي او شعري او ادبي او خبري..
سلوى الديب
التاريخ: الخميس 14-2-2019
رقم العدد : 16909