من جديد يعود الحديث عن الجوائز الادبية التي كان الجميع يظنون لفترة من الزمن أنها بريئة, ان مستحقيها هم فعلا في الصف الأول من قائمة المبدعين, لكن الكثير من الشكوك الأدبية والفكرية كانت تتجمع حول مثل هذه الادعاءات, لماذا تمنح لفلان, وهو ليس عند كعب فلان من الابداع, وكيف توجه لمن يخون بلده, وما الغاية منها, ظل هذا النقر والحديث يكبر ويكبر حتى صار حقيقة, نوبل الجائزة الاشهر أعلنت عن توقفها لفترة ما, والاسباب معروفة, بوكر أكثر شهرة بعدها تقرع جرس الانذار والممول يعلن أنه سوف يتوقف عن ذلك, ما الاسباب التي تجعل ممولا يقف عن ذلك وخاصة أن الجائزة مهمة جدا, وهي بالوقت نفسه اعلان تجاري رابح.
أخبار الادب المصرية توقفت عند هذا الحدث المهم الذي لن يترك صداه في الغرب وحده إنما في العالم كله, وكتبت ميرفت عمارة محللة ذلك, وباحثة عن الاسباب التي تقف وراء مثل هذا الحدث, تقول عمارة: أعلنت شركة مان جروب الراعية لجائزة مان بوكر أنها ستتخلى عن رعاية الجائزة التي تكاد تكون الأهم في العالم بعد جائزة نوبل التي تمر هي الأخرى بمرحلة عصيبة, حيث أعلنت شركة مان جروب أنها سوف تنهي علاقة استمرت 18 عاما مع الجائزة الأدبية الأكثر شهرة في بريطانيا.
قال المتحدث الرسمي لمؤسسة جائزة بوكر إن أمناءها بالفعل خاضوا نقاشا مع راعٍ جديد، »وأنهم واثقون من أن التمويل الجديد سيكون جاهزًا سنة 2020«. وأضاف: «في غضون ذلك، ستجري الجائزتان كالمعتاد هذا العام» وقد رعت مان جروب جائزة بوكر منذ عام 2002 وجائزة مان بوكر الدولية منذ إنشائها في عام 2005. الرئيس التنفيذي لمجموعة مان بوكر، لوك إيليس، قال إن رعايته الجوائز لما يقرب من عقدين من الزمان كان «شرفا» مضيفا: «بعد مراجعة دقيقة لمبادرات التمويل الخاصة بنا، أصبح دور المجموعة التمهيد لشيء آخر مختلف مثل صندوق مان الخيري الذي يدعم القراءة والكتابة»، وأشاد «بالعمل الاستثنائي» لمؤسسة جائزة بوكر قائلا: «إن جائزة مان بوكر تعني الكثير لنا جميعا، و نحن فخورون حقا أننا كنا جزءا من شيء مميز واستثنائي وفريد لمايقرب من 18 عاما».
مشيرا أنه «خلال علاقتنا مع مان بوكر، تلقت الجائزة انتقادات من مؤلفين وناشرين منذ إنشائها في عام 1969 وكانت في السابق جائزة مخصصة فقط للمؤلفين من دول الكومنولث وجمهورية أيرلندا، ثم بعد صدور قرار عام 2014 بالسماح بدخول أي كاتب يكتب بالإنجليزية ونشرت أعماله في المملكة المتحدة أن يصبح ضمن المتسابقين للحصول على الجائزة، الأمر الذي قوبل باستياء في بعض الأوساط حيث زعم أنه أدى إلى هيمنة مؤلفين أمريكيين على الجائزة بعد فوز اثنين من الأمريكان ضمن خمسة فائزين منذ تغيير القاعدة وهما بول بيتي في عام 2016 وجورج سوندرز في عام 2017».
خلال حفل إعلان جائزة مان بوكر في شهر أكتوبر قام إيليس بما تم تفسيره بإشارة خفية إلى الكاتب الذي قال إنه كفيل برعاية تلك الجائزة بقوله: أنا لا أعرف ذلك المؤلف شخصيا لكن ربما يكون من دواعي سروري أن يكتشف كيف هم هؤلاء العديد من محبي الكتب من أقراني وكم من ضمن السبعين مليونا من زبائننا يستطيع أن يستهدفه.
وفيما يتعلق بقرار مان جروب بسحب الدعم المالي، قالت هيلينا كينيدي رئيسة مؤسسة جائزة بوكر: «لقد كانت مجموعة مان راعيًا ممتازًا وسخيًا للغاية منذ ما يقرب من 18 عامًا منذ عام 2002, وقد شهدنا بفضل دعمهم الجوائز ازدهارا لأنشطتنا الخيرية بحيث يمكن اليوم للجوائز أن تدعي أنها أهم الجوائز الأدبية في العالم.
وقد علق الروائي الأسترالي توماس كينيلي، الذي فاز بالجائزة عام 1982 عن روايته سفينة شندلر، لصحيفة الجارديان بأنه يأمل وجود ضمان لمستقبل الجائزة قائلا: يجب أن يكون لدينا الوسائل البديلة للتعامل في مثل تلك الظروف حتى لا يؤثر ذلك على أي من الجوائز البريطانية الأخرى، التي بقدر ما هي رائعة إلا إن الحال لن يكون جيدا بعد هذا التغير الذي قد يؤدي إلى عدم وجود القطب الشمالي للخيال.
مضيفا: «من المؤكد أن جائزة بوكر تحدث فرقا في حياة المرء». أو كما قال بيتر كاري إنه يشبه الركض داخل الحافلة – ولكن الحافلة التي يركبها كثيرون منا قد تدار من قبل… البوصلة أو النجم الثاقب الذي نستعين به في السنة الأدبية وإذا ما اختفى فسيكون ذلك بمثابة تغيير كبير. يبدو الأمر وكأنهم سيحصلون على تمويل، إلا أنه سيكون هناك تغيير مناخي مثير للاهتمام حول صناعة الكتب إذا لم يفعلوا ذلك.
اقترح الروائي الأيرلندي جون بانفيل، مؤلف كتاب «البحر»، الذي فاز بجائزة البوكر في عام 2005، أن كفيلًا جديدًا قد يعيد الجائزة لتصبح مفتوحًة فقط للكتاب من دول الكومنولث قائلا: وكما نعلم، فإن الاهتمام العام بالجائزة قد انقضى بشكل خطير منذ أن تم التوسع والسماح للكتاب الأمريكيين. وقد تكون هذه فرصة لإعادة الجائزة إلى ما كانت عليه في السابق، وهي مؤسسة بريطانية حصرية – إلى جانب الكومنولث وأيرلندا – وأن ذلك يدفع العالم للنظر اليها بحماس شديد مثلما يحدث مع رياضة الكريكيت والملكية.
وقال أليكس كلارك، أحد قضاة الجائزة السابقين: «كان هناك أيضًا شعور بأن بعض البهرجة والضجة تقف في طريق الاحتفال بالكتابة نفسها – فربما يقرر راعٍ جديد أن يطلب تخفيف ذلك».
نعم, الادب ليس فعلا تجاريا, ولكنه تحول الى ذلك مع العمل الموجه للجوائز التي لم تعد بريئة ولم يعد الأدب ادبا, وإنما يعد ويكتب ليكون حاصدا للجوائز.فهل يتعظ الكتاب العرب ؟
دائرة الثقافة
التاريخ: الجمعة 15-2-2019
رقم العدد : 16910
التالي