مسرح… عرض «شكسبير ملكاً»… مؤشرات مسرحية جديدة..!

 

 

لم يتوج شكسبير ملكا عن عبث، وقد حملت تلك الحالة المفترضة معايير ثقافية هامة، تضمنت تفاصيلها المؤشرات الأعمق، كي تتبلور، ماهيتها الحقيقية، مستقطبة لكثير من الحقائق الثقافية والإنسانية، رافعة من شأن المسرح كوسيلة ثقافية لها كيانها وحضورها كما تاريخها الخاص عند الناس، هذا ما تجلى بشفافية مطلقة عبر العرض المسرحي شكسبير ملكا لفرقة المسرح القومي في اللاذقية على صالة مسرح الحمراء بدمشق، من تأليف رضوان شبلي وإخراج لؤي شانا..
شكسبير ملكا وهو الكاتب المسرحي الأشهر.. وهو المنهل الأول للمسرح العالمي، بما تضمنه مسرحه من قرب للناس وهمومهم المختلفة بأبعادها وأعماقها، وهو المسرحي المعروف بولعه بالتراجيديا التي يراها أكثر قدرة على الالتصاق بالناس، رغم توق بعض أبطال العرض إلى الكوميديا، وأولهم الملكة في إشارة خاصة إلى الرغبة بالخلاص من الأحزان… هذه المعادلة تجسدت بأبعادها الواقعية ومعانيها وتناقضاتها عبر العرض المسرحي شكسبير ملكا، وقد سبق لنفس العرض الفوز بأكثر من جائزة مسرحية في مهرجانات عربية، منها أفضل إخراج وأفضل تمثيل في مهرجان أيام كربلاء الدولي للمسرح…
شكسبير هنا يبلور شخصية المسرحي الجاد الذي يعنى بالتراجيديا أكثر من الكوميديا، وقد فرضت عليه الملكة أن يقدم ما يضحك الناس، لحاجتهم للتغلب على الأحزان، كما استقدمت كتابا من فرنسا لهذا الغرض وكان موليير، إلا أن الناس لم تتقبل الفكرة، وقد تعايشت مع مسرح شكسبير، وما طرحه في مسرحه من قضايا، ولم يستطع الأخير أن ينتزع الأضواء عنه… لتكون الحالة ككل رمزا، ينضوي تحت عنوانه قضايا ثقافية وإنسانية وفكرية، لتكون الحالة الرمز الذي يجسد المسرح وعلاقته بالناس.. حيث كان شكسبير ووفق خيار الناس هو الملك بامتياز، الملك بكونه قريبا من همومهم ومن حياتهم، ورغم استقدام كاتب آخر، مطلوب منه كتابة الكوميديا في إشارة واضحة إلى حاجتنا للضحك, للخروج من الاحزان، من الظروف القاسية التي نعاني منها كظروف طارئة وكإسقاط يحمل الكثير من المقاربات لواقعنا…
بنية العرض الدرامية المتميزة أظهرت أن الناس وجدت في المسرح حالة قيمة بامتياز، وبمجرد حضوره في حياتهم, فالمسرح بحد ذاته خلاص، وحاجة ماسة تستحضر الرقي الإنساني، إذ يجد الإنسان ذاته في محاوره الجادة، التي تخاطب دواخله وعقله وأحاسيسه، وتمسك الناس به، له مدلوله الذي يعلي من شان مكانة المسرح، ويؤكد دوره وجماليات حضوره في حياة الناس..أما الإشارات إلى الأحداث التي عاشها الناس، والحاجة إلى الكوميديا ما هي إلا توليفة جميلة، يخرج معها المتلقي بنتيجة، تقول وتؤكد أنه مجرد وجود المسرح بأشكاله كافة… تراجيديا أم كوميديا، هو حالة ثقافية متميزة.. لأنه رغم الحزن ورغم الحاجة إلى الخروج من عالمه، فقد كان الخيار للتراجيديا، فالمهم هو المسرح وحضوره وتأثيره بأساليبه كافة.
آنا عزيز الخضر

 

التاريخ: الأثنين 18-2-2019
رقم العدد : 16912

آخر الأخبار
سوريا: التوغل الإسرائيلي في بيت جن انتهاك واضح للقانون الدولي محافظ درعا يحاور الإعلاميين حول الواقع الخدمي والاحتياجات الضرورية جامعة إدلب تحتفل بتخريج "دفعة التحرير" من كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال وزارة الداخلية تُعلق على اقتحام الاحتلال لبيت جن: انتهاك للسيادة وتصعيد يهدد أمن المنطقة شريان طرطوس الحيوي.. بوابة سوريا الاستراتيجية عثمان لـ"الثورة": المزارع يقبض ثمن القمح وفق فاتورة تسعر بالدولار وتدفع بالليرة دور خدمي وعلاجي للعلوم الصحية يربط الجامعة بالمجتمع "التعليم العالي": جلسات تعويضية للطلاب للامتحانات العملية مكأفاة القمح.. ضمان للذهب الأصفر   مزارعون لـ"الثورة": تحفيز وتشجيع   وجاءت في الوقت المناسب ملايين السوريين في خطر..  نقص بالأمن الغذائي وارتفاع بتكاليف المعيشة وفجوة بين الدخول والاحتياجات من بوادر رفع العقوبات.. إبراهيم لـ"الثورة": انخفاض تكلفة الإنتاج الزراعي والحيواني وسط نمو مذهل للمصارف الإسلامية.. الكفة لمن ترجح..؟! استقطاب للزبائن وأريحية واسعة لجذب الودائع  إعادة افتتاح معبر البوكمال الحدودي مع العراق خلال أيام اجتماع تحضيري استعداداً للمؤتمر الدولي للاستثمار بدير الزور..  محور حيوي للتعافي وإعادة الإعمار الوط... حلم الأطفال ينهار تحت عبء أقساط التعليم بحلب  The New Arab : تنامي العلاقات الأمنية الخليجية الأميركية هل يؤثر على التفوق العسكري لإسرائيل؟ واشنطن تجلي بعض دبلوماسييها..هل تقود المفاوضات المتعثرة إلى حرب مع إيران؟ الدفاع التركية: هدفنا حماية وحدة أراضي سوريا والتعاون لمكافحة الإرهاب إيران.. بين التصعيد النووي والخوف من قبضة "كبح الزناد" وصول باخرة محملة بـ 8 آلاف طن قمح الى مرفأ طرطوس