الحب والإعجاب بعملها وما تملك من فكر وتواضع, ما دفعني للكتابة عنها.. إنها صورة المرأة المثقفة والطيبة التي تفيض حيوية بمشاركاتها ومداخلاتها في أعمال مجلس المجمع.
كتاب جديد صدر عن مجمع اللغة العربية بدمشق للكاتب محمود الحسن تحت عنوان (د. ليلى الصباغ أول امرأة عضو في مجمع اللغة العربية) قدم من خلاله وثيقة تاريخية وعلمية تحفظ بين سطورها سيرة إنسانة عالمة نذرت حياتها لخدمة العلم والحضارة الإنسانية, وأضافت إلى العلم صرحا جديدا بنته من عصارة التجارب وزبدة الأفكار, وتجليات المواهب والإبداع.
والكاتب الحسن قدم في هذا الكتاب إضاءة على المحطات الهامة التي مرت بها الدكتورة الصباغ,حيث كان لها تأثير في تكوين شخصيتها العلمية والإنسانية, مع حديث موجز عن منهجها في التأليف والتحقيق, وتجربتها في النقد الأدبي, وموقفها من المرأة, ودعوتها للمرأة العربية إلى اعتناق طريق العلم والعمل, والإسهام بما تمتلكه من جهد وطاقات في تطوير المجتمع.
وسلط الكاتب الضوء على إنتاجها العلمي منه المؤلفات التاريخية والثقافية ومؤلفات في تحقيق التراث والتعريف به, وأيضا لها العديد من البحوث والمقالات المنشورة في المجلات العلمية والثقافية, وبعض المحاضرات الثقافية.
وعن تجربتها في النقد الأدبي بين الحسن أنها قدمت نموذجا فريدا للكتابة في فن السير, يقوم على عرض الأفكار والحقائق بأسلوب أدبي رفيع, تخفق في تضاعيفه نبضات القلب, وترسم بين كلماته خفقات الوجدان, وتظهر فيه الأفكار موشاة بقالب من الحسن والجمال والسحر, فيسير القارئ معها مستلهما الفكرة في جو من الراحة والمتعة, وكأنه يلتقط رحيق الفكرة وثمارها في رياض تفوح بعطر الزهور, وتؤنس المرء بصوت الماء المتدفق في الجداول وتطربه بعذوبة الأنغام التي تصوغها أسراب الطيور.
لعل ّ أهم ما يتميز به نقدها هو البساطة والعفوية في رصد مواطن الجمال الأدبي, وإبراز الصورة الفنية, ومكامن العاطفة والمشاعر في النص, إذ لا نشاهد عندها ما نراه عادة في كتابات المختصين من ثلاثيات النص والمرسل والمتلقي, ولا نعثر في نقدها على المربعات والدوائر والأسهم, التي اعتدنا عليها في كتابات النقاد.
الكاتب الحسن قدم للقارئ سيرة علمية كاملة للدكتورة ليلى الصباغ, ولعل الباحث والناقد والقارئ يجدون كل ما يحتاجون إليه من معلومات عنها وعن جهودها العلمية, كما يجد فيها الإنسان العربي, والمرأة خاصة, نموذجا إنسانيا يقتدى به في العلم والعمل والتضحية والصبر, ومثالا شامخا للتمسك بالفضيلة والعفة والصلاح.
قدمت لنا الدكتورة ليلى الصباغ نموذجا خالدا للمرأة العربية, التي اعتنقت مبادئ العلم, وسارت فيه إلى أعلى المراتب, وتركت بين أيدينا تراثا فكريا يشع بالنور, وسيرة عطرة تفوح بالعفة والخلق القويم, وباقة من أزاهير العاطفة التي ستبقى تنبعث من رحيقها كل معاني العطف والرحمة والحب.
علاء الدين محمد
التاريخ: الخميس 21-2-2019
الرقم: 16915