عبثيَّةٌ تلك الأصوات، فلا جدوى من صوتِ الأموات.. صوتُ الموجوع المرفوع، بأنينِ الصمتِ المسموع.. صوتُ المغمور المقهور، والقاهرُ بغرورهِ مجرور.. جُرَّ وسقطتْ أخلاقه، فتهاوى في حرفِ نفاقه.
حرفٌ أسود ما أغباه، من ضمَّخ بالجشعِ أناه.. حرفٌ محتالٌ ملعون، يصطادُ المعنى المحقون.. حرفٌ يُدينُ بضلاله، ويصلّي حرامَ أفعاله.. حرفٌ يقيمُ علينا الحَد، يقتُلنا بسكِّينِ الحقدْ.. آخرْ يؤلمنا بفقدان، إلا ذاكرة الأحزان.
عبثيَّةٌ تلك الأصوات، أسمعها أنَّاتٌ أنَّاتْ.. صوتُ النازفِ ويلاته، صبراً هو مدفن حياته.. الصبرُ على يومٍ يأمل، لغدهِ الأفضل والأجمل.. بضميرٍ يحيا بإنسانه، وبقيمٍ ترتادُ لسانه.. بعيونٍ من فرحٍ تدمع، تهطلهُ وردَ ولا أروع..
لا أروع من وردٍ يسقي، الروح بأفراحٍ تحكي.. حكايا الألمِ الشقيّة، فينا ولكنْ أبيّة.. لاترضى الذلَّ وتتعبَّد، في قلبِ الوطنِ وتتعمَّد.. تراتيل صلاتها فيه، تُنجيها وأيضاً تُنجيه..
عبثيَّةٌ تلك الأصوات، تتدرّجُ فيها الخيبات.. خيبة من صرخَ ومداه، حنجرة تصدحُ بهواه.. يلفحُ لا يصفح يتأنَّى، بحثاً عن لحنٍ يتغنّى.. بدفءٍ يلفحهُ بإحساس، يتَّقدُ بحبِّ الناس.. من عانقَ فيهم أخلاقاً، ناصعة لا ترضى نفاقاً.. تتشهَّى البوح فتسردهُ، تُفشي أسرارَ مقاصده..
تعزفهُ على وترِ سوري، يعلو بالصوتِ الجهوري: أنا ابنُ الأرضِ العتيقة، بأبجديتها العريقة.. أنا ابن الحقِّ وإن تسطعْ، مني الأنوار ليتجمَّع.. أبنائي الأوفى والأنقى، أحياءً – أمواتاً يبقى.. الوطنُ المعشوق الأكبر، فيهم وبهم لا يتقهر.. ينبذُ من خانَ انتماؤه، إليه تصيروا رجاؤه..
صيروا صيَّركمْ لا أوجعَكَمْ.. حلَّق فيكم صار وصرتم.. أبدَ بقاءِ الأوطان، ذاكرة من ألوان.. ارتقى فيها النزيفْ، بأحمرهِ الشريف.. أحمرُ الدمِّ الشهيد، بهِ نكتبْ ونُعيدْ.
هفاف ميهوب
التاريخ: الخميس 21-2-2019
الرقم: 16915