في يوم اللغة الأم ..العربيــــــة تســــــأل: بـــأي ذنــــــــب أُظلم..

يحتفي العالم بما يسمى: يوم اللغة الأم، ومن فترة كان احتفاء اللغة العربية بعيدها الذي تم إقراره ليكون بيوم لايحمل مناسبة مهمة كما يقول الدكتور جورج جبور, ويسعى من اجل نقله إلى يوم وفاة المتنبي, وقد لاقت دعوته صدى طيبا عند الكثيرين ممن يعنيهم الأمر، لكن كما فهمت وياللأسف خارج سورية، وليس في سورية.. وشخصيا إن كان يمكنني إبداء رأي ما, أظن أن يوم إطلاق حملة التعريب في سورية بعد انتهاء الاحتلال العثماني لسورية, وكنا قد اشرنا إلى يومه وتاريخه, وهو المصادف يوم 28\11\1918مايعني يكون قد مضى على الأمر قرن بالتمام وزيادة, وكنا دعونا مجمع اللغة العربية, ومن يهمه الأمر إلى إحياء المناسبة والاحتفاء بها, ولكن لاحياة لمن تنادي, مر الأمر ليس مرور الكرام بل بصمت القبور..
هذا اليوم جدير أن يكون موعدا للاحتفاء باللغة العربية, وبغض النظر أكان هو أم يوم رحيل المتنبي, فالأمر لايختلف كثيرا, المهم أن يؤخذ بالموجبات التي قدمها أستاذنا الدكتور جورج جبور, ولا أظن ان احدا في الوطن العربي معني بهذا الأمر اكثر من المؤسسات الثقافية والعلمية السورية, ليس تعصبا ولا هو بالأمر غير الصحيح, بل وقائع ما كان وما هو كائن, يدلل على صوابية ما نطرحه.
بكل الأحوال, كنت سعيدا أن نعد لندوة حول يوم مرور قرن على إطلاق حملة التعريب, وكان اليوم الموعود في ثقافي أبو رمانة, العام الماضي, ولكن للأسف كان الأمر أكثر من مخجل, ندوة قبل موعد ندوة الاحتفاء انتهت للتو, وحضورها من طلاب الأدب العربي, وممن يعنيهم الأمر, بمعنى آخر هم حراس اللغة القادمون, لم يبق منهم احد, ولا من الأساتذة الذين يهمهم الموضوع أيضا.على الرغم من علو كعب القامات التي كانت جاهزة للندوة (الدكتور ممدوح خسارة, الدكتور عيسى الشماس, الاستاذ حسام خضور…).

 

وإن كان عتاة اللغة يقولون: ولات ساعة مندم, لكننا اليوم ونحن نعيش عصر الحروب السرية والعلنية, الفكرية والهمجية, من الحبر الأسود على الورق إلى ما يضخ من فضاء أزرق, وعصر حروب اللغات, فإن علينا واجبا كإعلاميين أن نرفع الصوت عاليا ونحاول أن يصل الصوت إلى المؤسسات المعنية باللغة وشؤونها, وهي أصلا وجدت لهذه الغاية, لكنها ويا للأسف نائمة في عالم الماضي, غير آبهة بما يجري الآن على مقربة أمتار منها, من حرب نحن نشنها على ما تبقى من لغتنا, وكأن ما تم اغتياله من جماليات العربية من قبل مناهج وزارة التربية لايكفي, فجاء من يكمل الدور وعلناً, بلا حياء بلا خجل, يتابعون الإعلام المرئي أو المقروء إذا كان ثمة هفوة لغوية, ولكن ترى من ذا يقدم جوابا على ما نراه في شوارع بلدنا؟
فرنجة مستمرة
ماذا عن أسماء المحال التي تظن أنها في قلب عاصمة غربية. العام الماضي كتبت مادة حول مجزرة الأسماء هذه وقدمنا بالصور الدليل على خطورة وفداحة الأمر, كنت متوترا ليومين بعدها, قلت: سوف تسارع الجهات المعنية من مجمع اللغة العربية, إلى لجنة التمكين للغة العربية إلى وزارة التربية والتعليم العالي واتحاد الكتاب العرب ووزارة الثقافة, تسارع هذه الجهات مدعومة من المحافظة, وبقرارات ملزمة كانت قد صدرت ومازالت تحمل قوتها, تسارع هذه الجهات المعنية إلى فرض إعادة تسمية المحال بأسماء عربية, وشط بي الخيال إلى البكاء على أطلال الأكلاف المادية التي سوف يتحملها أصحابها, ولكن وأيضا يا للهول هذه المرة, كلمة واحدة لم نسمع, ليحرك احد ما ساكنا, من يومين عبرت الشارع المتفرنج هذا, وكانت محال جديدة قد انضمت إلى قافلة الفرنجة, او لوثة الفرنجة التي يتهم بها الإعلام..هذه وسائل تشويه, ادوات حرب مباشرة, الخطأ اللغوي بوسيلة إعلامية ينتهي بساعته, لكن هذه اللافتات والأسماء التي تقف بوجهك ليلا نهارا, ومضاءة ومصممة بأحدث التقنيات, هي الخطر الحقيقي.
ولعله من المفيد ايضا بهذا اليوم أن نذكر بما طرحه الدكتور ممدوح خسارة, حول استخدام الرسائل النصية للبطاقة الذكية باللغة الأجنبية, فلم هذا الجحود للغتنا ؟ لم نحن غارقون إلى القهر بما نراه, ومن ثم نحاسب طفلا صغيرا في المرحلة الاعدادية على نصف درجة في اللغة العربية, ألا نرتكب جريمة كبرى بحقه, ألسنا نحن من يجعله يعيش ازدواجية تربوية ولغوية وثقافية وغربة وطنية؟


كيف سأقنعه أن اللغة العربية الفصيحة ملاذه, وهو في البيت والمطعم والمتجر, وأدوات الفتك الإلكترونية لايرى إلا عكس ذلك؟
اليوم, يوم اللغة العربية, وقريبا مؤتمر مجمع اللغة العربية, لايسعنا إلا أن نقف احتراما وتقديرا وعرفانا لما قدمته هذه المؤسسة, بمن رحل, وبمن هو باق فيها, علماء أجلاء وعقول نيرة, القرارات التي تدعم اتخاذ إجراءات عملية للحفاظ على رونق وصون لغتنا موجودة, وهي (لغتنا) محط رعاية من القيادة السياسية, وتعرفون أكثر منا ما صدر في هذا الاتجاه من تشكيل لجنة للتمكين للغة العربية, وما توقف عنده القائد المؤسس حافظ الأسد عن اللغة العربية و ما أضافه قائد مسيرة التطوير والتحديث السيد الرئيس بشار الأسد في الكثير من كلماته وخطبه.
اليوم مطالبون بوعينا اللغوي الذي كتب عنه مازن المبارك ومحمود السيد ويعمل عليه: مكي الحسني وممدوح خسارة, وكثيرون آخرون, وعينا لانتمائنا الثقافي واللغوي, يعني هويتنا المتجددة, لم يعد بإمكاننا أن نرفع الصوت اكثر من ذلك, وهذه مسؤولياتكم, كم اتوق لأن أرى عبارة تحل مكان (اي لوف دامسكس) نراها بلغة عربية وخطنا الرائع, أو بانتقاء بيت شعري من روائع مبدعينا, لا تتفرنجوا, نحن شركاء خراب ثقافي وفكري وعلمي وتربوي, إن لم نتحرك.
d.hasan09@gmail.com

 

ديب علي حسن
التاريخ: الخميس 21-2-2019
الرقم: 16915

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
غياب ضوابط الأسعار بدرعا.. وتشكيلة سلعية كبيرة تقابل بضعف القدرة الشرائية ما بعد الاتفاق.. إعادة لهيكلة الاقتصاد نقطة تحول.. شرق الفرات قد يغير الاقتصاد السوري نجاح اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية.. ماذا يعني اقتصادياً؟ موائد السوريين في أيام (المرق) "حرستا الخير".. مطبخ موحد وفرق تطوعية لتوزيع وجبات الإفطار انتهاء العملية العسكرية في الساحل ضد فلول النظام البائد..  ووزارة الدفاع تعلن خططها المستقبلية AP News : دول الجوار السوري تدعو إلى رفع العقوبات والمصالحة فيدان: محاولات لإخراج السياسة السورية عن مسارها عبر استفزاز متعمد  دول جوار سوريا تجتمع في عمان.. ما أهم الملفات الحاضرة؟ "مؤثر التطوعي".. 100 وجبة إفطار يومياً في قطنا الرئيس الشرع: لن يبقى سلاح منفلت والدولة ضامنة للسلم الأهلي الشيباني يؤكد بدء التخطيط للتخلص من بقايا "الكيميائي": تحقيق العدالة للضحايا هدوء حذر وعودة تدريجية لأسواق الصنمين The NewArab: الشرع يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب سوريا "The Voice Of America": سوريا تتعهد بالتخلص من إرث الأسد في الأسلحة الكيماوية فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا استفزاز جامعة دمشق تختتم امتحانات الفصل الأول حين نطرح سؤالاً مبهماً على الصغار تكلفة فطور رمضان تصل إلى 300 ألف ليرة لوجبة متواضعة