الملحق الثقافي.. عقبة زيدان :
في «الترانيم الغنائية» يجهد وليم ووردزوورث لوضع تعريف مقبول للشاعر. وبالتأكيد هذه مجرد محاولة من شاعر كبير أثر تأثيراً عميقاً في أدب عصره وفي العصور اللاحقة.
الشاعر في نظر ووردزوورث هو رجل يتمتع بحساسية متوقدة وحماسة ورقة أكثر مما يفترض أن يتمتع به الشخص العادي، كما أن معرفته بالطبيعة البشرية أقوى، وروحه المدركة أشد عمقاً. إنه رجل مسرور بانفعالاته، يبتهج أكثر من غيره بسبب الروح الحيوية التي تتوقد في أعماقه، ويفرح عندما يتأمل انفعالاته مشابهة لما يتجلى في أعمال هذا الكون، ويندفع بشكل عادي إلى خلقها حيث لا يجدها، ويضيف إليها استعداداً للتأثر بالأمور الغائبة حتى كأنها موجودة في حضرته.
هذا الشاعر عندما يخلق الانفعالات، فإنه يهدف إلى الارتقاء بالعواطف البشرية، ولا يهمه سوى الإنسان. فالشعر موجه إلى الإنسان أينما كان، والشعر لديه يذرف دموعاً كدموع البشر والأشخاص العاديين. وهو يرفض بشدة سخافة التفكير وتفاهة اللغة التي أدخلها بعض معاصريه في مؤلفاتهم الموزونة؛ إذ إن الشعر الجيد بأجمعه هو فيض من العواطف القوية، التي تحكي مواضيع هامة.
يملك الشاعر إحساساً عميقاً بوجود صفات فطرية لا تبلى في العقل البشري، وقوى معينة في الأمور العظيمة الخالدة تؤثر على العقل البشري وهي متحدة وغير فانية. ولذلك فهو يفكر بفداحة الشر المستطير الذي يدفع كتّاباً إلى طرح الأمور الفاضحة والمشاعر الرديئة.
الشاعر يعترف بجمال الكون عن طريق إدخال المتعة إلى نفوس الناس، إنه اعتراف بالصدق وبكرامة الإنسان، وهو حين يشيد قانون المتعة البدائي العظيم، فإنه يدمج مصير البشر أينما كانوا، ويعدهم لمستوى أرقى من الحياة.
التاريخ: الاثنين26-2-2019
رقم العدد : 16918