نهطلُ عليها ونتماهى فيها ونغرقُ بهواها.. تتوالى أكفُّ الصفعات منها فتتوالى الخيبات.. نتمرَّدُ فتثورُ علينا، يتمزَّقُ الحلم فينا.. نخيطهُ بالصبرِ الجميل، يتفتَّق الضجرُ العليل.
هي الحياة.. تُطلقنا صرخات صرخات.. تسألنا أين جدوانا، نهملها تتحدَّى أنانا.. تهزأ من عقلٍ لا يعقل، ينهشهُ الحقدُ فيتأمَّل.. أن يحكمها بحرفِ الجهل، فيُجرُّ من فيها بأمر.. أمرُ الوسواس الخنَّاس، يتلاعب بعقولِ الناس.
نكبرُ فيها تلوينا، نتكوَّر على أملٍ فينا.. بأن نحيا بضوءِ خافقها، ونضيءُ الذات برونقها.. نحيا فإذْ بالضوءِ عليل، يخفتْ.. نصمت.. فما السبيل؟..
ما السبيل ليعرف منْ، يكرهُ أن نحيا بأنْ.. بأنَّ صباحنا يخجل، أن يصحو إلا ليتأمَّلْ.. عبير الورد في غدنا، ينثر هواه ليُسعدنا.. وبأن الرونق في قلبه، من نبضٍ عَشقَ فيا عذبهْ.
هي الحياة.. تجعلنا أحياء أموات.. أحياءٌ بالنورِ ويسطع منّا وإلينا فنتمتَّع برؤى يُبصرها نعمة، إلا القابع في العتمة.. تباً لمن فيها اعتاد، على الفساد الذي ساد.. لمنْ غيَّبها ويقظتها، يقظتنا لولا غفلتها.. عن القلوب الصاحية، تُبصرها بعينٍ واعية…
نسألها الرفق وإن أمكن، الرحمة بكلِّ من استوطن فيها ولا يدري السبيل إليها.. يميلُ به تميل.. تميلُ إن سألَ غيره، أخلاقاً ويحه ياويله.. يا ويله وإن له استَسلمْ، سيجنُّ والعقلُ أعلَم..
هي الحياة، وتنطقنا بكلِّ اللغات.. لغة الناطقِ بأناه، تتناحرُ فيه وهواه.. زفراتُ الشرِّ إن استشرى، نواجههُ بحبٍّ أقوى.. حبُّ الوطن فما أعطره، من تنفَّسهُ وعانقه.. عانقهُ بحرفِ وإن مجروح بالحقِّ أو نبضِ الروح.
روح من احتضنه، فسرى فيهِ بدمه.. صار بعمقهِ مدى، وبفضائهِ كلّ الندى.. لهُ صباح الشمس، تنيرُ الآتي بأمس.. أمسُ حضارته السوريَّة، تنطِقُنا والأبجدية: هي الحياة.. وطنها عاش، خائنهُ مات.
هفاف ميهوب
التاريخ: الخميس 28-2-2019
الرقم: 16920