كلما اقتربت الأطراف الدولية الفاعلة من إيجاد حل للأزمات التي تخلقها واشنطن ووكلاؤها، وإغلاق ساحة الصراع التي تشتعل النيران فيها، تحرص الإدارة الأميركية على فتح ساحات أخرى للفوضى والحروب، بهدف إشغال العالم فيها وتشتيت انتباهه، لكون ذلك جزءاً مهماً من الاستراتيجية القديمة المتجددة التي يسير عليها حكام البيت الأبيض، وما يحدث في فنزويلا منذ نحو شهر تقريباً، ومحاولتها شق الصف الواحد، إلى ما يجري بين الهند وباكستان اليوم دليل على ذلك، ولاسيما بعد ممارستها ضغوطاً كبيرة على الأخيرة، متذرعة بأنها لا تحارب إرهاب طالبان في أفغانستان، ما يشير بوضوح إلى أن بصمات التخريب الأميركية واضحة في مسرح الجريمة.
ففي سورية بشكل خاص أدركت أميركا أن لعبتها انتهت، وخاصة أن معاقل دواعشها تداعت، وباتت الضربة القاضية التي ستجز أعناقهم، وتجهز على ما تبقى من متزعميهم في لحظاتها الأخيرة، وما قيامها بنقل إرهابيي التنظيم وعوائلهم من مزارع الباغوز في الجزيرة السورية إلى وجهات معروفة، إلا إيذان بإعلان نهاية تلك الخرافة، في وقت أدرك فيه العالم برمته حجم الكذب الذي تمارسه لإبعاد الشبهات عنها، غير مدركة أنها غارقة حتى النخاع بإثارة الفتن والاضطرابات ليس بين شعوب العالمين العربي والإسلامي وحسب، بل على وجه البسيطة كلها، وبالتالي فالألاعيب التي تظن إتقانها لن تنطلي على أحد، ولم يبق هناك غافل عن نياتها السوداء، وما تصر عليه بشأن الانقلاب على قرار الانسحاب الذي (تلحسه) كل يوم، والتضليل فيما يخص خروج النازحين من مخيم الركبان إلا دليل إضافي على ما تضمره من مكائد.
أما في المنطقة عموماً فإن دعمها المتواصل لجرائم الكيان الصهيوني، ورعايتها لإرهابه وقبولها باحتلاله أجزاء كبيرة ومهمة، يثبت طمعها بالثروات الموجودة فيها، ورغبتها باستمرار الصراع، والعمل الدؤوب لفرض التقسيم على أسس عرقية وعشائرية وطائفية ودينية وغيرها، في وقت تحاول فيه إبعاد القوى الكبرى التي لا تقبل بتمددها وقطبيتها الواحدة، وذلك عبر إبقاء اليد الطولى لها في السيطرة على الأوضاع، حيث تشعل النار متى تشاء وتخمدها بما يتناسب مع ظروفها ومصلحتها في أوقات أخرى.
ما يدعو للغرابة أن حقيقة الأفعال الأميركية باتت واضحة للجميع، باستثناء تجمع الأعراب الذي يحاول الاختباء خلف أصابعه خوفاً من غضبها، ومستمر بتسهيل ما تمارسه، بعد أن أوكلت له الدور الأكبر في تلك المهمة، وصورت له أخطاراً مزعومة فيما لو لم يسمع لإملاءاتها، ويخضع لإرادتها، وينفذ خططها من دون أدنى اعتراض.
كتب حسين صقر
التاريخ: الجمعة 1-3-2019
الرقم: 16921