لم يعد في جعبة رعاة الإرهاب سوى تصعيد جرائمهم بحق المدنيين، ورفع منسوب اعتداءاتهم على مواقع الجيش العربي السوري، بعدما أدركوا أن مخططاتهم وصلت إلى الطريق المسدود، ويقينهم التام بأن الدولة السورية أكثر عزماً وإصراراً اليوم على تحرير كل شبر من الإرهاب، ومن أي قوات أجنبية غازية ومحتلة.. وسهامهم العدوانية الأخيرة هي فقط لتأخير عملية إنجاز سورية نصرها النهائي على الإرهاب، وإطالة أمد الأزمة إلى الحد الذي يتوهمون فيه أنه بمقدورهم فرض شروطهم على طاولة الحل السياسي،علهم يحققون بعضاً من المكاسب السياسية يحفظ ماء وجوههم كدول وقوى عظمى لا تريد الإقرار علناً بهزيمة مشروعها الاستعماري المعد لسورية، ودول المنطقة في آن واحد.
والهجمات الإرهابية الأخيرة، لا تنفصل عن حالة الارتباك الحاصلة داخل أقطاب منظومة العدوان مجتمعة، لعجزها عن ليّ ذراع السوريين، وفرض مخططها التخريبي.. واستهداف «التحالف الأميركي» للمدنيين في ريف دير الزور بالأسلحة المحرمة دولياً، بالتزامن مع هجوم مرتزقة أردوغان على مواقع الجيش والأحياء الآمنة بمحيط منطقة اتفاق خفض التصعيد، والعربدة الإسرائيلية بريف القنيطرة، تصب جميعها في خانة جرعات الدعم الإضافية التي يقدمها المشغلون لرفع معنويات من تبقى من إرهابييهم، وتعكس إصرار أميركا وأدواتها على المضي في نهجهم العدواني، الذي يستتبعونه بإرهاب اقتصادي غير مسبوق، وهذا يفسره أيضاً الإجراءات القسرية التي اتخذها داعمو الإرهاب في الاتحاد الأوروبي في خطوتهم العدائية الأخيرة.
الهجمة الإرهابية متعددة المحاور، كانت معالمها واضحة منذ فترة طويلة، مهد لها نظام أردوغان مسبقاً بتملصه من تعهداته، وانقلابه على اتفاق خفض التصعيد، واستقدامه مئات الإرهابيين الأجانب وزجهم بصفوف مرتزقة النصرة، للاستيلاء على كامل محافظة إدلب وريفها، وجعلها قاعدة انطلاق لتوسيع الهجمات الإرهابية على المناطق المحيطة، إضافة إلى تهديداته المتواصلة بشن عدوان جديد على الجزيرة السورية، كذلك فإن تراجع ترامب عن قراره بسحب كامل قوات بلاده المحتلة، وإبقاء جزء كبير منها، والحديث عن إمكانية إرسال بعض حلفائه لقوات تستكمل الإرهاب الأميركي، كان إشارة واضحة لما تبيته منظومة العدوان لتقويض كل مبادرات الحل السياسي، والعمل على إعادة الأمور إلى المربع الأول.
التسعير الإرهابي من قبل أميركا وأدواتها، لن يثني الدولة السورية عن قرارها بتحرير ما تبقى من أراضيها، وخاصة أن اتفاق خفض التصعيد مؤطر زمنياً وبتواقيت محددة، وأن المهل التي أعطتها لداعمي الإرهاب حقناً لدماء السوريين، لا تعني توقفها عن محاربة الإرهاب، ولن تعني أبداً أن يكون الاتفاق ذريعة لتعويم إرهابيي أردوغان، أو طوق نجاة لهم.
ناصر منذر
التاريخ: الأربعاء 6-3-2019
رقم العدد : 16925