ومن يوقدها.. ومن يوقدُ هذه المصابيح.. من يوقد عظمة ألقها ويختار مسارها السائر نحوالألق الثقافيّ.. أي مسار النور الثقافيّ الأبقى؟
ومن الذي يُحدّد خارطة فصولها البهية؟
فصول الثقافة المُتأرجحة ما بين حالٍ وآخر.. وما بين أزمنة المعرفة وما يحدّها في مُبتدأ السؤال وجوابه, جواب أمره الثقافيّ ربّما, وجوازم حلمه الآتي..
جوازم الفعل الذي يمتد ولاينتهي, فعل التميز الثقافيّ الذي يجب الاستدارة من حوله, والذهاب إلى حيث مكامن الضّوء المنبعث من هذا الفعل الثقافيّ أوذاك..
الذهاب إلى أنهاره الدافقة عذوبةً, الهاطلة ثقافةً..
يُحسن السير إليها, والاستنارة بواحات الظلال المعرفي, «الظلال» والاستظلال بما يُمكن أن يفيء علينا, وعلى مسار الثقافيّ
وبما يمكن أن يأتي ويوقد مُسببات العظمة الثقافيّة, عظمة الشيء الذي يرفد الفكر الإنساني ويمسك بيده إلى جادة الصواب «الصواب الثقافيّ»..
أين نحن منه؟
أين نحن من التصويب الجاد لكل قولٍ وفعلٍ ثقافي؟
«التصويب الثقافيّ» ذاك الذي نريد أن نُوقد بعض مصابيحه, ونرمّم بعض الزجاج الذي ينتمي لانعكاسه.. ذلك الانعكاس الذي يُسمّى «انعكاس الضّوء الثقافيّ».. أي انعكاس علائمه على كُلِّ مناحي الحياة أوبمعنى آخر, قولبة الأشياء بلحنٍ ثقافي مختلف ومتجدّد..
وهذا بحد ذاته يجب أن يكون «الشاغل الثقافيّ» والهدف الذي لا يمكن المحاذاة عنه, والانشغال بأمرٍ لا يمتد إليه, ولا ينتمي إليه في جوهر القول والفعل..
وفي جوهر التصابي, تصابي الفعل الإبداعيّ من أجل تميز الشيء الجوهريّ, تميز بعض علائمه الناطقة فعلاً, حيث تتسامى علائم الفكر الثقافيّ ونباهة الاستجابة له..
نباهة الفكر الذي لا يمكن إلاّ الوقوف عنده, لا يمكن إلا ّ التبصّر ببعض دساتيره, بعض أحكامه الثقافيّة أوالإبداعية التي تقول فيما تقول: بأنّ الإبداع يجب أن يكون مصابيح دائمة الالتماع, التماع النور والاسم الثقافيّ شكلاً ومضموناً..
وبالتالي فهذا يقودنا إلى السؤال التالي: من هذا الذي يوقدُ مصابيح الثقافة.. ومن الذي يأخذ هذه المسؤولية الثقافيّة على عاتقه؟
من يسقي شجرة التميز الثقافيّ.. ويُكرّم شأنها العام؟
يُكرّم الحالات الثقافيّة ويمنحها بعض استحقاقها, أويمنح الاعتبار الثقافيّ معناه الحقيقي وبوصلته, بوصلة الشيء الذي نطمح إلى الارتقاء منه وإليه, إلى جعله الناطق النطوق بما نبتغيه من هذا الفعل الثقافيّ أوذاك..
ومن جوهر فحواه إذ ما قيلَ: إننا نريدُ أن ندع كلّ شيءٍ جانباً
إذ كان لا يضيف أشياءٍ تُغني الجوهر الثقافيّ, وتأخذ بحاله الإبداعي من حالٍ إلى آخر..
وهذا الحال يبدأ فيما يبدأ به بقصص الاعتناء والبحث المتكامل عن منظومة القيم الثقافيّة التي نتحدث عنها الآن.
هذه القيم الثقافيّة المتوارثة والتي لا يمكن الاستغناء عنها, الاستغناء عن مكنونها العظيم وبالتالي لا يمكن إلاّ الالتفات إلى ذاك النهر « نهر الثقافة العظيم « الذي يحمل فيما يحمل شيئا من روافد الإبداع الخصبة والذي ينبع منها في أصل الشيء وجوهره, والاستسقاء المحوريّ من ينابيع حاله الفكري الهام..
ذلك الحال المستقدم في أحقية الارتقاء الثقافيّ
ذلك الارتقاء الذي لا يعرف فنون الاستكانة, لا يعرف إلاّ مفهوم القولبة المتجدّدة التي نريدها, من حيث علائم قبسها الهام والأهم..ومن حيث عظمتها أو«عظمة المصابيح الثقافيّة» التي يجب أن تكون ولادة الإبداع في كلِّ آنٍ وحينٍ.
منال محمد يوسف
التاريخ: الثلاثاء 12-3-2019
رقم العدد : 16929