منذ أن بدأت تلوح تباشير انتصار قلعة العروبة سورية على أعتى وأقذر مشروع صهيو- أميركي – عربي شهده التاريخ المعاصر، بدأ محور المهزومين يسوق مصطلح (الحل السياسي) لإنهاء الحرب بين نظام شرعي سيد مستقل وجيش باسل وحلفاء أوفياء وبين شراذم شذاذ الآفاق من الإرهابيين المرتزقة الذين صنعتهم دول العدوان من أكثر من 80 دولة.
هذا التسويق لم يكن مستغرباً على محور الممانعة فهو يدرك منذ البداية أن المهزوم لن يخرج خالي الوفاض وهو يجرجر أذيال الخيبة والذل، وكان لا بد أن يبتدع حلولاً لا تمت إلى علم الحرب بصلة ومنها ما يسمى بـ (الحل السياسي)، لكن المستغرب أن ينبري هؤلاء في المحافل الدولية ليتبجحوا بهذا التسويق أمام رأي عام عالمي وخبراء دوليين بكل وقاحة وكأن الحرب التي دامت نحو ثماني سنوات على الأرض السورية هي حرب بين دول، ومن الطبيعي أن تنتهي بحل سياسي في حصاد الهزيمة لحفظ ماء وجه الدولة أو الدول المهزومة، لكن لا يختلف اثنان بأن ما جرى في سورية هي حرب بين دولة وبين عصابات مرتزقة ولا مجال لإنهائها إلا بالقضاء المبرم على الإرهابيين المرتزقة أو إعادتهم من حيث أتوا.
ثم إن الحل العسكري الذي تمضي فيه القيادة السورية هو حق من حقوقها لا ينازعها فيه أحد، ولا مجال بأي شكل من الأشكال بأن تتفاوض كقيادة شرعية ورسمية مع إرهابيين سواء حملوا السلاح أم ادعوا المعارضة السلمية في فنادق الخمس نجوم طالما أنهم -أي الإرهابيين- يتقاضون ثمن خيانتهم من الدول المشاركة.
لكن إذا أراد المسوِّقون للحل السياسي أن يتحدثوا مع القيادة السورية مباشرة فإن بإمكانهم ذلك بعد القضاء على آخر إرهابي وعودة أي مرتزق- إذا أراد- بعد أن يقروا علناً أنهم هم الذين صنعوا الإرهابيين وتبنوهم ودربوهم ومولوهم واستثمروهم حتى الرمق الأخير لتدمير سورية وإنهاء دورها الممانع في المنطقة، وبهذا يلقون الحجة على أنفسهم وبالتالي يتحملون المعاقبة القانونية وتكاليف إعادة إعمار ما دمروه، وتعويض الشعب السوري وكل من فقد أباه أو أخاه أو ابنه وكل من تشرد دون أي منَّة، وبدون هذا الإقرار متبوعاً بالتعويضات والعقوبات فليس من حق أي دولة أن تتدخل في قضية سيادية هي ملك للشعب السوري وحده وللقيادة السورية وحدها.
إن من الطبيعي أن يكون الجيش السوري الباسل في جهوزية تامة لإنهاء معركة إدلب وتطهيرها بالطريقة التي يراها مناسبة، طبعاً في إطار الحل العسكري، ثم تليها معارك أخرى في شرق الفرات والشمال السوري لإنهاء ما يسمى بالمنطقة الآمنة كما تدعي تركيا دون أن تكون هذه الحرب بإيعاز من أحد، فسورية تحارب على كل أرضها لاستعادتها ولا تقوم بحروب بالوكالة حتى ولو تقاطعت بعض المصالح مع دول أخرى ما زالت ضمن محور العدوان بذريعة العودة إلى الجامعة العربية أو إلى الشرعية الدولية، فالعدو معروف والحليف معروف، والقيادة السورية وحدها تحدد الأولويات وترسم خريطة التطهير.
إن أي مقايضة بين موقف بالوكالة وبإملاءات من أصحاب المشروع التقسيمي -وهنا أعني أميركا- مسألة غير واردة لدى القيادة السورية التي تقوم بواجبها بالأصالة عن نفسها، ولن تسمح لأحد مهما حاول أن يقترب من سورية- بعد انتصارها- عبر تفاهمات أو اتفاقات مواربة بأن يمنن الشعب السوري بالوقوف إلى جانبه في مرحلة إعادة الإعمار التي لن ينخرط فيها مع الشعب السوري سوى الحلفاء الأوفياء.
وإن غداً لناظره قريب..
د. عبد الحميد دشتي
التاريخ: الثلاثاء 12-3-2019
الرقم: 16929