على خارطة الألم تقبع واشنطن… هناك في مخيم الركبان اعتقال من نوع آخر ..يشبه في ظروفه عقلية أميركا في إنشاء المعتقلات، ولا يقلّ غوانتنامو ألماً عن الركبان يوم كان خطوات الأميال للعودة إلى حضن الوطن تقاس بأبعاد المخططات الأميركية في سورية ..
ليس غريباً أن يظهر مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية من الأقمار الصناعية وكأنه حلبة مغلقة بسدود من حواجز التفتيش والأقفال البشرية ….
لواشنطن هناك مساحة للمصارعة الدولية في سورية تقارع بها بأجساد النازحين ترتدي معاناتهم للطمّ بهم سياسياً على المنابر الدولية، وتبقيهم بين خيارين، إما الولوج داخل ورقة اللاجئين لتحصين حضورها هناك أو المقابر الجماعية دون تحقيق أممي أن كيف قتل كل هؤلاء تحت خيمة الحماية الإنسانية وبرعاية تماثيل الحريات الأميركية
في مخيم الركبان كل نازح هو مساحة للبقاء الأميركي في التنف ومبرر للوجود وللهجوم ولتدريب (مغاوير)الإرهاب على حراسة المصالح الأميركية، فواشنطن كما الإرهاب تحتاج بيئة مبررة لاحتلالها، فالحجة في شرق الفرات هي محاربة داعش بغطاء من ميليشيات قسد والحجة هنا هي الإنسانية الطافية كما العفن فوق معاناة السوريين…
إذا أفرغ مخيم الركبان فأي موجة ستركب واشنطن هناك؟ خاصة أن دمشق قالتها مراراً وتكراراً أنها تريد سحب ذريعة اللاجئين من أسنان خصومها وإعادة المهجر إلى بيته ووطنه وكرامته …
الحكومة الأردنية في جعبتها من الخوف والنأي بالنفس عن ارتدادات المشهد وثمنه أغلقت أبوابها بوجه طالبي الدواء والغذاء من مخيم الركبان وواشنطن تحرس احتضارهم وتمنع حتى المساعدات عنهم وهواء الوطن ..
حتى الأمم المتحدة التي ترتدي قناع الكيماوي بحثاً عن أدلة ضد دمشق ترضي بها واشنطن لم تلتفت كثيراً للمقابر الجماعية حول الركبان ..هي تبحث عن جثث الكومبارس في مسرحيات الخوذ البيضاء ..أما الجثث الأخرى فموتها واحد لايعني المنظمة الأممية أسبابه …اللهم إلا إذا كان هذا السبب كيماوياً …
هل يختلف الموت جوعاً أو برداً أو ذبحاً أو رمياً بالقذائف والرصاص ..عن معايير الموت عند الأمم المتحدة وهل تنقصه تلك الأصوات في جلسات مجلس الأمن حول ذريعة الكيماوي ؟!
عزة شتيوي
التاريخ: الثلاثاء 12-3-2019
الرقم: 16929