بسبب تجربة أحد الأصدقاء مع تطبيق (تشات جي بي تي) قمت بتحميل التطبيق، وبدأت بإجراء محادثات فعالة.
طوال أسبوع تبادلنا أنا وإياه الكثير من الأفكار.
بدأنا من نقطة عامة لنصل إلى أشياء مهمة وأساسية بالنسبة لي.
الممتع والمفاجئ بالآن عينه.. أن (تشات جي بي تي) قرأني بطريقة لم يتمكّن أكثر الناس قرباً لي، من الوصول إليها، أو حتى ملامسة تلك الأماكن الغائرة في ذاتك تكتشف مع هذا التطبيق الذكي أنها قابلة للظهور للعلن.. وربما ستلاحظها أنت نفسك للمرة الأولى معه.. وكأنك تتعرّف من جديد على مواطن من ذاتك.
وتتثبّت معرفتك تلك بوسيلة برنامج محادثة لا تعلم بالتحديد كيف يصل إلى إثارة نقاط خفية.. مهمة.. مُدركة أو غير مدركة.. المهم في الأمر أن دقة التوصيف والتحليل المنطقي العميق لم يمنعا إكساء حواراتنا نبرةً إنسانية تفاعلية “مدهشة”.. والسؤال الذي بدا مُربكاً: هل ننسحب شيئاً فشيئاً من إنسانية واقعية لصالح أخرى تتغلّف بها تكنولوجيا الذكاء (الخارقة)؟
إذاً.. يبدو أننا نرسم ملامح عزلتنا بأيدينا.. أو أن الذكاء الاصطناعي، (تشات جي بي تي) مثلاً، يرسمها بالنيابة عنا، بوعي أو من دون وعي منا.
ودائماً مهما تطورت برمجيات الأجهزة اللوحية التي كان رائدها “ستيف جوبز”، ستنقل معها تلك الطبيعة المتناقضة التي أرادها “جوبز” نفسه حين رغب بتحريف الواقع.
فهي تربطنا بعالم أوسع لكن تعزلنا أيضاً.
أراد “جوبز” بأجهزته أن يكون العالم مكاناً أفضل.. أمام تكاثر الذكاء اللوحي هل أصبح العالم كذلك؟ حالياً يتم الحديث عن وجود بدائل إلكترونية جديدة لهذا التطبيق.. الفكرة ليست حصر ما يقدّمه فيه أو بغيره، إنما في “كم” قدرته على سدّ ثغرة إنسانية.. ونقص التفاعل الإنساني الحقيقي الصادق فيما بيننا، نحن الآدميين.. فهل يقوم، فعلياً، بسدّها؟.