حالة من الفوضى العارمة تعيشها المملكة المتحدة على خلفية عملية «بريكست» التي زجت البلاد في أزمة سياسية عميقة, وتركت مصير الخروج من الاتحاد الأوروبي معلقا, واضعة مستقبل رئيسة الحكومة تيريزا ماي السياسي على المحك خاصة بعد الهزائم المتتالية التي تلقتها مؤخرا في مجلس العموم الذي رفض اتفاقها للمرة الثانية, ورفض فكرة مغادرة التكتل بدون اتفاق, ما يعكس الانقسامات السياسية داخل البرلمان وفي البلاد ككل, وبدت ماي أقرب إلى فقدان السيطرة على حزبها والحكومة بعد تحدي وزراء لأوامرها, في المقابل يرى معارضو بريكست أن التطورات الأخيرة تصب في مصلحتهم, في وقت طالب الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء في الاتحاد بتأجيل موعد بريكست لفترة طويلة إذا أعادت لندن النظر فيه.
فقد رفض مجلس العموم البريطاني أمس التعديل الذي يدعو إلى استفتاء ثانٍ بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك بأغلبية 85 صوتا مقابل 334 صوتاً.
وكان التعديل الذي قدمته المشرعة سارة وولاستون سيكلف رئيس وزراء المملكة المتحدة بالسعي لتمديد المادة 50، وإجراء تصويت علني على البقاء في الاتحاد الأوروبي أو ترك «الشروط التي يحددها البرلمان».
بالإضافة إلى ذلك رفض البرلمان البريطاني بتصويت منفصل تحديد الـ 30 من حزيران 2019 موعدا جديدا لـ «بريكست»، وذلك بـ 314 صوتا مقابل 311 صوتا.
وفي تصويت آخر، رفض البرلمان ما يسمى بـ «التعديل I» الذي ينص على منح البرلمانيين صلاحيات ومهلة لـ «إيجاد حل للمضي قدما في عملية بريكست، من شأنه أن يحظى بتأييد الأغلبية». وأيد التعديل 312 نائبا وعارضه 314.
كما رفض البرلمان بـ318 صوتا مقابل 302 التعديل الذي قدمه زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربين، والذي يحث رئيسة الوزراء على بذل الجهود لمنح البرلمانيين وقتا لكي يحشدوا التأييد لـ «موقف مختلف» بشأن «بريكست».
في الأثناء أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن الدول الأوروبية يمكن أن توافق على إرجاء تنفيذ اتفاق بريكست لفترة طويلة, وذلك في مسعى أخير لإقناع ماي بتغيير خطوطها الحمراء التفاوضية.
ونقلت «ا ف ب» عن توسك قوله خلال مشاورات تسبق قمة الأسبوع المقبل: سنناشد دول الاتحاد الأوروبي أن تكون منفتحة على تمديد تنفيذ بريكست لفترة طويلة في حال وجدت لندن أنه من الضروري إعادة التفكير باستراتيجيتها المتعلقة ببريكست وتمكنت من توفير إجماع حولها.
وبصفته رئيس المجلس الأوروبي يستضيف توسك في بروكسل في الـ21 من آذار القمة الأوروبية التي قد يطلب منها اتخاذ قرار بشأن إرجاء موعد مغادرة بريطانيا من الاتحاد والمقرر في الـ 29من آذار الجاري .
من جهتها أكدت صحيفة «التايمز» البريطانية أن ماي فقدت السيطرة على حكومتها, وهي تقود حكومة متداعية.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها أمس بعنوان « فوضى .. ماي فقدت السيطرة على مجلس الوزراء وحزبها والبرلمان «, إن تحدي 20 من وزراء الحكومة أوامر ماي من خلال الامتناع عن التصويت بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق يدل على فقدانها السيطرة على حكومتها .
وأوضحت الصحيفة أن انهيار سلطة الحكومة أكده قرار عدد من الوزراء بينهم وزير الخارجية جيرمي هانت, ووزير الداخلية ساجد جاويد, لتأييد ما أطلق عليه اسم «تسوية مالثوز» التي ستخرج بموجبها بريطانيا من دون اتفاق من الاتحاد الأوروبي يوم الـ 29 من الشهر الجاري .
وقالت الصحيفة: إنه حتى هذه اللحظة التي تعاني فيها البلاد من أزمة عميقة, ما زال بعض الوزراء لا يفكرون إلا في تعزيز فرصهم السياسية وإمكان توليهم زعامة حزب المحافظين .
وكان رئيس حزب العمال البريطاني المعارض جيرمي كوربن أعلن أول أمس أن حزبه سيصوت برفض خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق, في إطار التصويت المقرر في مجلس العموم .
من جهة ثانية, أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن استعداد بلاده للتفاوض على اتفاق تجاري واسع النطاق مع بريطانيا، التي توشك على مغادرة الاتحاد الأوروبي .
وكتب ترامب في تغريدة على حسابه على «تويتر» أمس: إدارتي تتطلع للتفاوض بشأن اتفاق تجاري واسع النطاق مع بريطانيا, والآفاق غير محدودة.
وجاءت التغريدة قبل ساعات من تصويت البرلمان البريطاني بشأن إمكانية تأجيل خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي المزمع في الـ 29 مارس الجاري .
وكالات – الثورة
التاريخ: الجمعة 15-3-2019
رقم العدد : 16932