التلّي : دور فاعل مكانياً وقطاعياً لهيئة التخطيط الإقليمي في إعادة الإعمار.. الهيئة تدخل في عمق المشكلة الاقتصادية عبر استعادة.. التوازن بین الأنشطة البشریة واستهلاك الموارد المحدودة
لا شك أن إعادة إعمار سورية وبمفهومه الواسع يضع أمام جميع الجهات العامة والخاصة والمجتمع الأهلي الكثير من المهام والمسؤوليات الكبيرة والتحديات، فلا حصر للتخريب والدمار الذي طال سورية ومكوناتها، وبالتالي لا حصر للعمل والجهد المطلوب لإعادة بناء سورية،إلا أن هذا العمل لتكريسه والاستفادة المثلى منه يحتاج عملية تخطيط التي تقع على عاتق العديد من الجهات،أهمها هيئتاالتخطيط والتعاون الدولي والتخطيط الإقليمي.
أساليب جديدة تلبي الواقع المتغير
تقول رئيس هيئة التخطيط الاقليمي ماري التلي في حديث خاص «للثورة» أن الهيئة لها دور كبیر في عملیة إعادة الإعمار، و یعد دورها في هذه المرحلة للقضایا (مكانیاً وقطاعیاً) دوراً فاعلاً، فقد أثبتت المرحلة الماضیة من العمل التخطیطي في سوریة حجم التحدي الذي تفرضه الحرب على دور الهیئة في صیاغة وإعداد الرؤى على المستویات الإقلیمیة والوطنیة وحتى الدولیة منها، الأمر الذي یتطلب تطویر مناهج وأسالیب جدیدة تلبي الواقع المتغیر (انزیاحات سكانیة كبیرة على المستوى الوطني من جهة، وأضرار كبیرة على مختلف القطاعات في العدید من المدن والبلدات من جهة أخرى) مع التأكید على التأسیس لتعافٍ مستدام لمدننا وقطاعاتنا الحیویة الداعمة، لاسیما قطاع السكن الذي تلقى الجزء الأكبر من الأضرار المباشرة خلال أكثر من سبع سنوات من عمر الحرب.
تطویر منهجیات تحلیلیة تخطیطیة
وبينت أن الهيئة يأتي دورها المحوري من خلال تكليفها بتحدیث وتطویر الإطار الوطني للتخطیط الإقلیمي والخارطة الوطنیة للسكن والإسكان وعدد من الخطط والدراسات الإقلیمیة والهیكلیة والدراسات النوعیة، فمع انطلاق التوجهات الحكومیة في مسار إعادة الإعمار التي تقوم على تطویر حلول أكثر استدامة والتحضیر لعملیات التعافي وإعادة الإعمار كان لابد من العمل على تطویر منهجیات تحلیلیة تخطیطیة تساعد في إعداد خطط تعافي وإعادة اعمار متكاملة، خاصة مع تحسن الوضع الأمني واتساع رقعته إلى معظم التجمعات العمرانیة في مختلف المحافظات، واستعادة المؤسسات والإدارة دورها التنظیمي والخدمي، وبدء عودة أعداد كبیرة من المواطنین إلى مدنهم وقراهم.
تخطيط تكاملي
القانون \ 26 \ لعام 2010 الذي أحدثت بموجبه هيئة التخطيط الاقليمي يهدف إلى تنظيم عملیة التخطیط والتطویر الإقلیمي المكاني في كل الأراضي السوریة، بحیث تلتزم كل خطط ومشاریع التطویر القطاعیة والعمرانیة العائدة إلى مختلف الجهات العامة والخاصة التي یكون لها تأثیر مكاني على المستوى الإقلیمي، بمبادئ وتوجیهات خطط التطویر الإقلیمي الصادرة من هذا القانون، فالتخطیط الإقلیمي كما جاء في القانون هو «تخطیط تكاملي یوجه ویترجم وینظم السیاسات الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة والسیاحیة والبیئیة وغیرها في كل ما یتعلق بالسكان والمكان والزمان والبیئة یأخذ البعد المكاني بالاعتبار وفق منهج علمي شامل بهدف تحقیق تنمیة وطنیة وإقلیمیة متوازنة ومستدامة من خلال الدراسات على المستویین الوطني والإقلیمي، تبین كل النشاطات والفعالیات والتي تلتزم بتنفیذها الجهات المعنیة العامة والخاصة كافة».
استعادة التوازن
وتقول إن الهيئة عملت منذ تأسيسها على تطویر عدد من المدخلات التخطیطیة على جميع المستویات المكانیة، تسعى من خلالها إلى استعادة التوازن بین الأنشطة البشریة المتنوعة وبین ما ینشأ عنها من استهلاك للموارد الطبیعیة المحدودة، من خلال التحقق من قدرة هذه الموارد على التجدد واستدامة مستویات التنمیة، مبينة أن عمل الهيئة ينتج عنه مجموعة من المخرجات تساعد في إدارة عملية التنمية منها الإطار الوطني للتخطیط الإقلیمی والدراسات المكانیة على المستوى الوطني، والخطط والدراسات الإقلیمیة والهیكلیة، والخرائط الرقمیة مضيفة إن الغاية من إعداد الخطط الإقلیمیة المكانیة هي قیادة وإدارة التنظیم المكاني في منطقة بشكل متكامل ومتوازن بما یساهم في دعم التنمیة المستدامة بأطرها الاجتماعیة والاقتصادیة والبیئیة حسب أولویاتها ومتطلباتها.
استدامة الموارد الوطنية
وتتبع الهيئة في إعداد الخطط الإقليمية كما أوضحت التلي لعدد من المبادئ العامة منها تحقیق استدامة الموارد الوطنیة والإقلیمیة الحاضرة والكامنة، وتوفیر الظروف المناسبة للازدهار الاقتصادي بشكل متوازن، وتأمین متطلبات الحیاة الأساسیة للسكان وتوفیر الخدمات وفرص العمل لكل الفئات الاجتماعیة بشكل عادل ومتوازن، والحفاظ على البیئة الطبیعیة وثرواتها لاسیما الماء والهواء والأرض والإرث الثقافي والأثري.
ماذا عن أهداف الهيئة..؟
أشارت أن هدف الهيئة هو إعداد وتنفیذ التوجهات الوطنیة للتخطیط الإقلیمي وتنمیة وتعزیز بیئته في سورية من خلال التنسیق مع جميع الجهات المعنیة، حيث يتم ذلك بوضع الأسس والمعاییر الفنیة للإطار الوطني للتخطیط الإقلیمي، والخطط الإقلیمیة والإشراف على تطبیقها، وإعداد الإطار الوطني لها أو تكلیف جهات فنیة أخرى والإشراف على عملها، بالإضافة إلى مراجعة وتدقیق كل المشاریع وخطط التنمیة ذات الأهمیة، وإنشاء قاعدة معلومات للتخطیط الإقلیمي.
تحديات الهيئة
هذا وتواجه الهيئة العديد من التحديات خلال عملها منها قلة عدد الكوادر المؤهلة من العاملین لديها، ووجود تسرّب كبیر للخبراء السوریین العاملین في مجال التخطیط الإقلیمي، وعدم وضوح دور وأهمیة ومفهوم التخطیط الإقلیمي والمكاني لدى الكثیر من الجهات العامة والخاصة، بالإضافة إلى عدم معاملة الهیئة كجهة بحثیة تقدم دراسات نوعیة، ما یضعف الدعم المقدم لها على الصعيد المالي أو إمكانیة التعاقد مع الخبرات أو التعاون مع الجهات والمنظمات الدولیة العاملة في سوریة.
فارس تكروني
التاريخ: الثلاثاء 19-3-2019
رقم العدد : 16935