الملحق الثقافي.. عقبة زيدان:
استند الفن الواقعي في أساسه على الفكرة الإنسانية، فكرة حرية واستقلالية شخصية الإنسان واحترام حقه في السعادة. لقد أعلت الواقعية من شأن الإنسان باعتباره أعلى وأكمل مخلوق في الطبيعة، وهو الأداة الرئيسة للتقدم التاريخي.
الإنسان مخلوق للسعادة، كما يقول كورلينكو، وقد ألهمت هذه الفكرة الكتاب العظماء فيما بعد، وأجمعوا كلهم تقريباً على أن الإنسان مؤهل لأن يكون حكيماً، إلا أن الظروف اللاإنسانية تفسده وتشوهه.
أسهم كتّاب الواقعية في كشف الوجع الذي يعاني منه الإنسان، والمتمثل في الاستغلال وامتهان الكرامة. وفي قراءة لأعمال كل من دوستويفسكي وتولستوي وشكسبير وديدرو وغوته وبوشكين، نجد أنهم جميعاً يشتركون في الدفاع عن حرية الإنسان ويؤمنون بالعقل الإنساني وبنوره الخالد.
ولم يكتف هؤلاء بالكفاح من أجل خير الإنسان وعزته، بل نقدوا الواقع الإقطاعي ومن ثم البرجوازي، حتى إن بوشكين، الذي ينتمي إلى طبقة الإقطاع «يهاجم في طبقة النبلاء كل ما يتعارض مع الفكرة الإنسانية» كما يقول الناقد بيلينسكي.
إنها روح النقد التي لازمت كتاب الواقعية، مع اختلاف في قوة وطابع النقد. فبلزاك وبوشكين وغوغول اشتهروا بحدة نقدهم، فيما اتصف ديكنز باللطف، وبرنارد شو بالسخرية اللاذعة.
مع توطد الرأسمالية، رفض الأدب الواقعي نمط الحياة السائد، وتوهجت روح النقد والتحليل، حتى إن بيلينسكي وجد أن هذه الواقعية تتميز بشكل خاص بالمذهب التحليلي، الذي اعتمد السعي للتدقيق وفهم كل شيء مع العودة إلى الجذور. وإضافة إلى تحليل المجتمع، ركزت الواقعية على العالم الداخلي للإنسان، وتناولت الحوادث من خلال علاقتها بغيرها.
التاريخ: الثلاثاء19-3-2019
رقم العدد : 16935