لا يشي الهدوء الحذر الذي يطبق على المشهد في الشمال باحتدام الخلافات والصراعات بين أطراف الإرهاب وأدواته، بقدر ما يؤكد وصول الأمور إلى لحظة الحسم التي باتت تلقي بظلالها السوداء على سياسات ومواقف منظومة الإرهاب برمتها، لاسيما الولايات المتحدة الأميركية وتركيا اللتان لا تزالان تراهنان على العبث بالقواعد والمعادلات المرتسمة بالدماء والشهداء والمتجذرة في عمق المشهد.
فالسلوك الأميركي على الأرض وبحكم ترابط وتشابك الأهداف والأدوار يتماهى ويتطابق مع السلوك والموقف الأميركي برغم ضبابية الرؤى والاستراتيجيات وغياب التفاهمات والتوافقات (المعلنة) بين النظام التركي والإدارة الأميركية رغم التقاء المصالح والطموحات الاحتلالية والاستعمارية.
ما تداولته وسائل الاعلام الغربية خلال الساعات والأيام القليلة الماضية يؤكد صحة ما قلناه، لاسيما فيما يتعلق بضرورة الانتقال إلى مرحلة الحسم، ذلك أن عودة أطراف الإرهاب إلى لغة التصعيد والتهديد الوعيد والاسطوانات المشروخة تعني وصول تلك الأطراف وتحديداً الأميركي والتركي إلى حالة متقدمة من العجز والتخبط التي لا يمكن مواجهتها إلا بمزيد من الخداع والمناورة والهروب إلى الأمام.
صحيح أن المشهد لا يزال محكوماً وإلى حد ما بمقاربات ومواقف وقراءة أطراف الحرب على سورية لتطورات الأحداث ومدى التزامهم بالتعهدات والاتفاقات الدولية الموقعة، إلا أن المشهد بأبعاده وعناوينه وحوامله وصورته النهائية يبقى محكوماً برؤية وموقف وقرار دمشق حيال التعامل مع المستجدات التي تحاول زعزعة الواقع وضرب حوامله كجزء من محاولات الضغط الأميركية والغربية على دمشق وحلفائها للتنازل وتقديم ما يحفظ ماء وجه الأميركي والأوروبي والتركي بعد سلسلة الهزائم والاخفاقات التي مُنيت بها تلك الأطراف بشكل عام في الميدان السوري.
فؤاد الوادي
التاريخ: الثلاثاء 2-4-2019
الرقم: 16946