«يتناول البحث مسألة التداخل بين نمطي الكتابة: يسلط الضوء على أنموذج إبداعيّ محدد, ليكون هذا المنتج الفضاء النصيّ الذي يحدد سمت البحث بأبعاده الموضوعية التي تنطلق من محددات النص…» بهذه الكلمات بدأ محاضرته الدكتور وليد العرفي بعنوان «تحولات القصيدة بين الشعرية والسردية مأساة النرجس ملهاة الفضة» في قاعة سامي الدروبي في مديرية ثقافة حمص سنتناول جزء منها:
لم يعرفِ الأدبُ تقسيماتِه وفق الأجناس الأدبية إلَّا في مراحل متأخِّرة ذلك أن الشعر كان هو الجنس الذي يندرج تحت مسمَّاه الأدب, وقد حدد ارسطو في كتابه فن الشعر الأجناس التي تنطوي تحت تسمية الشعر بـ «الملحمة والملهاة والمأساة» وبين نقاط التشابه والاختلاف بين كل جنس وأخر.
مما لاشك فيه أن الشعر قد ارتبط بالموسيقى ارتباطا وثيقا منذ أن كانت الولادة فالشعر كلام موسيقي أو هو الكلام المنتظم ضمن قوالب غنائية لها حدودها و قواعده الضابطة وهو كما عرفه القدامى (كلام موزون مقفى).
ولا يخفى على متتبع السيرورة الإبداعية في تراثنا الأدبي حضور السرد في الإبداع الشعري الذي اتخذ من فعل الحكي نمطاً من أنماط السرد في الإبداع الشعري.
يمثل الشاعر محمود درويش الأنموذج الأبرز في اعتماده تقنيات السرد في قصائده الملحمية, ولذلك فإن هذا الطموح يجعل السرد حاضراً بكل ثقله في النص الشعري الذي يحاول أن يجعل من السرد الممتدّ زمنيّاً لحظة تكثيف شعري تحاول أن تمسك بالزمن عبر شعرنة السرد و تسريد الشعر الذي يتغلغل في عوالم السرد المنفتحة بلا حدود.
وفي قصيدة الشاعر محمود درويش الموسومة بـ: (مأساة النرجس ملهاة الفضة) يبدو العنوان محفزا ذهن المتلقي في تخيل الفضاء الشعري الذي يبدو إدهاشياً في علاقاته بما فيه من تضاد يجمع بين نسقي التركيبين الإضافيين اللذين شكّلا البنية الرئيسة للعنوان عبر تمازج وحّد بين الأضداد.
وفي نسقي العنوان في قصيدة درويش ذات النفس الملحمي نجد الشاعر يلجأ إلى الجمع بين المتناقضات التي تبعث على التساؤل وتستثير الذهن للتفكير عن تلك الرابطة التي تجمع بين هذه العوالم من حيث اللغة.
وتتجلى عناصر السرد المتجاورة في هذا النص من خلال: حضور السارد الراوي الذي يقوم بدوره الشاعر نفسه بوصفه الراوي والناقل للحدث والمشارك في الفعل الجماعي المقاوم.
الشخصيات: تبدو الشخصية الرئيسية في هذه القصيدة شخصية الجماعة التي تعكس انشغال الشاعر بالهم النضالي الذي يعني الشعب العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص, وقد جاء التعبير عنها بصيغة الضمير الفاعل.
المكان ودلالاته في شعر محمود درويش: وفي الشعر الحديث الذي يمثل الشاعر محمود درويش أحد أبرز شعرائه المعدودين يحضر المكان الذي يعني المكان الجمعي, والذاكرة التاريخية المرتبطة بواقع شعب لم تعرف البشرية معاناة مثل معاناته, وبذلك يكون المكان في شعر محمود درويش مكاناً نفسيّاً, وحالةً انفعاليّةً أكثر منه مكاناً جغرافياًّ خارجيّاً.
سلوى الديب
التاريخ: الخميس 11-4-2019
رقم العدد : 16954