إذا كان مجرد تحقيق قضائي جرى وفق القواعد القانونية، في مجرد مزاعم أيضاً عن تدخل روسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية 2016، عدّها ترامب محاولة تنفيذ انقلاب على سلطته كرئيس للولايات المتحدة الأميركية، فماذا على الحكومات والدول وشعوبها معها أن تقول؟ عن الحروب العدوانية التي تشنها منذ سنوات الإدارات الأميركية المتعاقبة على هذه الدول، مستخدمة فيها كل أنواع الأسلحة بما فيها سلاح الإرهاب الذي أبدعت في استخدامه واشنطن منذ تأسيسها لتنظيم القاعدة الإرهابي قبل عقود؟
ماذا على سورية وشعبها إذاً أن يقولا وهما اللذان يواجهان منذ أكثر من ثماني سنوات حرباً إرهابية لم يعرف التاريخ مثيلاً لها، تقودها وتشرف عليها مؤسسات أميركية سياسية وعسكرية واستخباراتية، وماذا يجب على العراق أن يقول وهو الذي احتله الجيش الأميركي ومعه القوات البريطانية في 2003، بحجج واهية لا أساس لها، وما رافق ذلك من تدمير ممنهج للبنى التحتية ومؤسسات الدولة، وكذلك ليبيا التي تم تدميرها بسلاح أميركا والناتو عام 2011، وتركها لمصيرها المجهول الذي تتقاذفه أمواج الصراعات الداخلية والخارجية؟
وماذا على اليمنيين أن يقولوا، وهم الذين يذبح أطفالهم وتُدمر منشآتهم بالسلاح الأميركي بيد النظام السعودي، وكذلك الجزائر والسودان اللتان تمران هذه الأيام بمرحلة مفصلية من تاريخهما الحديث نتيجة للعبث الأميركي نفسه في شؤونهما الداخلية، وقبلهما أفغانستان وكوريا الديمقراطية؟
وكذلك فنزويلا التي تواجه تهديدات غير مسبوقة من الجانب الأميركي، وصلت إلى حد عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي أمس لتمرير قرار يعترف بخوان غوايدو رئيساً لفنزويلا بدلاً من رئيسها الشرعي نيكولاس مادورو، تخللها تصرف غير أخلاقي وغير قانوني لنائب الرئيس الأميركي مايك بنس، عندما حاول بكل وقاحة طرد مندوب فنزويلا الدائم لدى الأمم المتحدة سامويل مونكادي من الجلسة.
وفي الختام إذا كان ما جرى من تحقيق ضد ترامب في إطار مدني وبالمحاكم يعد انقلاباً وانتهاكاً للدستور وخيانة للدولة الأميركية، فمرة أخرى.. ماذا يجب أن تقول الدول والشعوب التي اكتوت بنيران الإرهاب المدعوم أميركياً وجميع أنواع الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً كالقنابل العنقودية والفوسفور الأبيض وغيرهما؟
نافذة على حدث
راغب العطية
التاريخ: الخميس 11-4-2019
رقم العدد : 16954