لم يكد الشارع السوري يتنفس الصعداء جراء بدء انحسار أزمة الغاز المنزلي حتى ظهرت وبسرعة كبيرة أزمة البنزين وما رافقها حتى الآن من حالات ازدحام باتت مألوفة ومتوقعة لطوابير من السيارات على محطات الوقود وحالة الصمت الرسمي التي كانت هذه المرة أقل زمنياً ولكنها ساهمت كالعادة في تفاقم الوضع.
صحيح أن أزمة الغاز مردها بشكل كبير حسب تأكيد الجهات الرسمية بعد مرور أسابيع عليها سوء التوزيع وحالات الفساد التي رافقته في عدة مناطق أكثر منها قلة كميات هي بالفعل موجودة، ولكن كان يمكن تداركها واستثمارها بأفضل طريقة لو استطاعت الجهات المعنية إدارة هذه الأزمة وغيرها وتفويت الفرصة على الفاسدين من استثمارها كما يحصل دائماً.
إلا أنه لا يمكن لنا تقبل أو تفهم أنه وبعد تجارب طويلة تكررت على مدى السنوات الأخيرة لمثل هذه الأزمات أن تتمكن إشاعة صغيرة من إحداث حالة الفوضى الكبيرة في السوق جراء إطلاقها خبر توجه الحكومة لزيادة أسعار البنزين في وقت كان يمكن للحكومة بكل أجهزتها وإدارتها التنفيذية وفي مقدمها وأهمها الإعلام الرسمي وأد الشائعة قبل تمكنها من الانتشار وتحقيق مأربها عبر المكاشفة والشفافية في التوجه للمواطن بـتأكيد أو نفي الشائعة وحتى بحال كان هناك توجه حكومي بهذا الخصوص فلا بد من سوق مبرراته التي قد تكون محقة بظل هذه الظروف الاستثنائية وما يتعرض له البلد من زيادة بالضغوطات الاقتصادية والاجتماعية، مع التأكيد أن مثل هذه القرارات الاستثنائية ستطوى بمجرد حدوث انفراجات عبر تأمين النقص الحاصل بطرق هي الأقدر على اتباعها وفق الوضع الراهن وليست مضطرة للإفصاح عنها حالياً.
وللموضوعية المطلوبة منا نؤكد أننا كمواطنين ساهم العديد منا بطريقة أو بأخرى في تفاقم بعض الأزمات وزيادة الضغط من خلال التوجه لمراكز توزيع الغاز مثلاً حتى بحال كان لدى البعض ثلاثة جرار غاز وتوقف البعض أمام محطات الوقود رغم أن بنزين سيارته يكفيه ليومين أو ثلاثة بأقل تقدير.
وبالعودة للحلقة الأولى فإن مرد سلوك المواطن نفسه لم يكن ليحصل لو كانت أواصر الثقة مع أجهزته التنفيذية وطيدة وكانت هي المورد الأساس للمعلومة أو الخبر الصحيح. وخلاصة القول تفيد بأن أغلبية الوزارات والإدارات العامة المعنية بتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطن غالباً ما تتدخل لمعالجة أزمة هنا أو هناك بعد فوات الأوان ويكون كما يردد المواطن (هلي ضرب ضرب وهلي هرب هرب) وهذا التأخير هو من أبرز أسباب معاناة المواطن.
الكنـــــز
هناء ديب
التاريخ: الخميس 11-4-2019
رقم العدد : 16954