النموذج السوري

ثورة أون لاين : لا يمكن تفسير ما تتعرض له سورية من استهداف وكل هذا العراك السياسي و الاشتباك الاقليمي والدولي معها وحولها الا من خلال معطيات استراتيجية تمتلكها وفرادة تميزها ودور تضطلع به وكفة وازنة ترجحها منها موقع سورية الجيوسياسي كونها خط الدفاع الاول عن بلاد مصر ووداي النيل اضافة الى انها الممر والمنفذ لشرق اسيا نحو المتوسط واوروبا وبوابة الخليج باتجاه الشمال والمتوسط هذا الموقع الجغرافي اضفى عليه الانسان السوري بعبقريته وابداعاته الحضارية قيمة مضافة فتفاعلت عبقريتاالمكان والانسان ثم اكستهما الحالة السياسية متلازمة الموقع والموقف في ابعادها والاستراتيجيةفي ظل عالم يشهد عملية استقطاب حاد تدفع باتجاه تشكيل خرائط سياسية جديدة تتجاوز حالة القطبية الاحادية تبدو منطقتنا مسرح عملياتها ونقطة البداية في تشكلها .
ولا تقف اهمية سورية الاستراتيجية عند حدود المعطى الحيوسياسي وانما تتعداه الى ما هو اهم من ذلك بكثير وهو انها تعتبر الوطن الروحي لمئات الملايين من المؤمنين من اتباع الديانات السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والاسلام فسورية ليست بلدا علمانيا فحسب وانما هي دولة معولمة بطبيعة بطبائع شعبها بعيدا عن اي انتماء ايديولوجي او هوى سياسي ففيها تزول الحدود الجغرافية والثقافية والاقتصادية بين البشر وتتنحى جانبا كل اشكال الانتماءات والهويات والعصبيات والخرائط الضيقة وتتفاعل الجماعة السياسية في فضاء وطني واسع رحيب .
ان النموذج السوري في العيش المشترك بين اتباع الديانات والاعراق والثقافات والاثنيات وعلى حامل وطني جامع يشكل رسالة قوية وتحديا لاولئك الساعين لتفتيت المنطقة ديموغرافيا بعد نجاحهم في تقسيمها جغرافيا وذلك عبر النفخ في محرقة المذاهب والطوائف والاعراق والاثنيات والتعامل مع الجماعات السياسية وكأنها كائنات بيولوجية يمكن تحريكها وتثويرها بغريزة القطيع ومن هنا يمكن اعتبار استهداف هذا النموذج الحضاري والانساني خرق لكل القيم الانسانية والحضارية والاخلاقية التي ضحت البشرية ودفعت ثمنا غاليا من اجلها عبر تاريخها الطويل .
والى جانب النموذج الحضاري السوري في العيش المشترك قدمت سورية نموذجها السياسي الخاص بها دونما ادعاء بأنه الافضل فما نعنيه تماما هو انه يحمل ملامحه الذاتية بمعنى انه منتج وطني خالص سواء كان ذلك في طريقة انتاج النظام او انتخاب مؤسساته الديمقراطية الاخرى فالنظام السياسي السوري والمؤسسات السيادية السورية هي منتج سوري بامتياز ولا شأن او دور لاي عامل او مؤثر خارجي في ايجادها وبالتالي ينعدم التأثير العابر للحدود في خيارتها وتوجهاتها وبوصلتها ووظيفتها السياسية ولهذا اتسمت السياسة السورية طوال العقود الستة الماضية باستقلاليتها ومرحعيتها الوطنية على الرغم من حدة الاستقطاب الدولي في معظم دول الاقليم خاصة في حقبة الحرب الباردة ووقوع المنطقة في دائرة الاستهداف الدولي وصراع المشاريع الاستعمارية .
ولعل ما ما زاد في وتيرة استهداف سورية اضافة لما تمت الاشارة اليه هو التزامها قيادة وشعبا الخط العروبي والمقاوم واعتبارها القضية الفلسطينية قضية وطنية تتموضع في مفاصل الوعي الجمعي لعموم السوريين لابل انها طبيعتهم الثانية تماما كماهي مقولة الوحدة العربية لهذه الاسباب وغيرها اصبح لسورية ونظامها السياسي الكثير من الاصدقاء والحلفاء وبالمقابل العديد من الاعداء من قوى اقليمية ودولية طامعة وطامحة وشامتة هذه القوى كانت تعمل وتسعى وتنتظر اللحظة التاريخية التي تمكنها من الانقضاض على هذا البلد لتفرغ كل من تحمله من ثارات تاريخيةوتصب نار حقدها على ابنائه سيما وانها وجدت ثغرة في جداره الوطني نفذت منها لتكون الحريق الذي يتولد من مستصغر الشرر .

 

د. خلف علي المفتاح
 

آخر الأخبار
سوريا تشارك في الجلسة المستأنفة للدورة الثانية لجمعية الأمم المتحدة  أزمة السكن وارتفاع الإيجارات تجهض أحلام العودة للوطن  وزير الإعلام: تجاوزنا مرحلة بناء الثقة وندخل مرحلة جديدة قبوات لـ"أسوشيتد برس": رفع العقوبات بداية لمرحلة التنفيذ ومحاربة الفساد  وزير الدفاع: لوائح انضباط جديدة لترسيخ جيش وطني يحمي الشعب 200 منشأة حرفية لمواد البناء في حماة تدخل سوق العمل 12 سيارة إطفاء مع تجهيزاتها لمواجهة الحرائق بالغاب دعم مركز نقل الدم بحماة بالطاقة الشمسية حماس الأتراك لدعم الإعمار في بيلديكس 2025 آمال بتسهيلات مالية وبنكية أصحاب شركات يعودون لإعمار وطنهم صحف عبرية: رفع العلم الأمريكي في دمشق "رسالة قاسية لإسرائيل سوريا ترحب بقرار الحكومة اليابانية برفع العقوبات عن أربعة مصارف وطينة اتفاقيات الكهرباء تنقل سوريا إلى النور.. خبراء لـ"الثورة": ثمرة من الانفتاح الدولي وصمام أمان معيشة ... ترميم مركز الدفاع المدني في بصرى الشام تنفيذ أعمال صيانة وإصلاح لشبكات المياه بالقنيطرة بيئة مدرسية محفزة لمستقبل أجيالنا.. تأهيل ثلاث مدارس في القنيطرة بمشاركة محافظَي اللاذقية وإدلب.. تدشين دار رعاية المرضى في ولاية أكسراي التركية عائلات تتحضّر للعودة إلى قراها في ريف إدلب بعد انتهاء الامتحانات الانتقالية جودة الألواح الشمسية.. بين تنظيم الاستيراد وعملية الاختبارات "نسيج الأمل" نقطة انطلاق لتعافي الصناعة السورية