حيــن يصبـــح العمـــل الأهــلي والمجتمعــي رافعـــة للتنميـــة

للخير أهل ودار، يختارهم فتطيب له الإقامة، ويفيض عليهم ببركاته.. وفي سورية تزداد البركة وتعم دون انقطاع ما دامت النفوس الطيبة ترنو إليها، والخير يعرف طرقاتها ووديانها وسهولها وجبالها.
وفي تفاصيل الحياة السورية المتنوعة نجد كل بلدة وقرية ومدينة منها حكاية وطن يصرّ على الحياة، حيث ترانيم العشق الملونة بالوفاء تضخها شرايين الأبنا حمراء نقية في أوصاله.
في هذه السطور نسلط الضوء على تجربة مجتمعية راقية في قرية الدالية القابعة على رأس جبل، قديمة الأزل، كعراقة أمها سورية، وهي من البلدات الريفية الجبلية ترتفع عن سطح البحر من 700 إلى 1000 م تقع في الجهة الجنوبية الشرقية من محافظة (اللاذقية) تتبع لمدينة (جبلة) وتجاور قرى ريف محافظة (طرطوس) في الجنوب والشرق، وهي قريبة من قرى ريف محافظة (حماة)، وفيها مدرجات قابلة للزراعة اليدوية، وأهمها الدخان البلدي والأشجار المثمرة والزيتون.
توارث أهلها معدن الطيبة والأصالة والخير، من نقاء طبيعتها، وبركات الطيبين من أهل الخير المزروعين في حقولها وترابها، عركتهم الطبيعة القاسية، وعلمتهم التماسك والتعاضد والتعاون، فكانوا مثالاً يحتذى في العمل الأهلي والمجتمعي.

فقد ساهم أهالي قرية (الدالية) وجمعيتها الخيرية في تقدم بلدتهم خطوات على صعيد التنمية المحلية، فشراء ميكروباص في هذه الظروف الضاغطة لم يكن أمراً سهلاً كي يخفف أعباء المواصلات عن الموظفين الذين يذهبون لمدينة جبلة أو بانياس وبعضهم لمدينة اللاذقية، وهذا الإجراء لم يكن أول أعمال جمعيتهم الخيرية وجهودهم التعاونية.
فالقرية ومنذ زمن بعيد تتمتع بشبكة طرق زراعية تخترق الجبال والوديان، تمت بتعاضد الأهالي وتنازلهم عن ممتلكاتهم القليلة من الأرض لتوفير الجهد والوقت للوصول إلى بقاع بعيدة ذات مسالك صعبة. وذلك عبر التعاون مع الحكومة، وتقديم المساعدة من ناحية الأراضي لتحقيق أكبر قدر من المشاريع التي تنعكس إيجاباً على مجتمعهم.
ناهيك عن المشاريع والأعمال الأخرى المتنوعة التي قامت بها الجمعية وبالتعاون مع أبناء القرية وعدد من المؤسسات الحكومية في محافظة (اللاذقية) فعلى سبيل المثال، تم شق طرقات زراعية يزيد طولها على مئة كيلومتر، لتخديم ما يناسب من جغرافيا القرية وجوارها بالتعاون مع مديرية الزراعة في المحافظة ومع جمعية القرية لتقديم (بلدوزر) خاص لشق الطرقات الزراعية على مدى قرابة عشرين عاماً.
ومنذ تأسيس الجمعية برغبة الأهالي إلى اليوم فقد تم تخديم العديد من المرافق وفق ضرورات مصلحة القرية، حيث تم شراء قطعة أرض لإنجاز مخبز نصف آلي في العام 2007 وهو يعمل بشكل جيد وناجح لغاية الآن، ويوفر فرص عمل لعدد من العمال، كما اشترت الجمعية قطعة أرض أخرى أشادت عليها بناء مؤلفاً من ثلاثة طوابق وقبو، منذ حوالي 20 عاماً، قدمت منه الطابق الأول للمركز الثقافي والثاني لمركز (عمران) الذي يؤمن مادة الإسمنت الوطني بالسعر النظامي مع توفير فرص عمل للعديد من المحتاجين.
مدرستان ومركز هاتف
كما كان لقطاع الصحة حصته من خدمات الجمعية حيث تم تقديم أرض من أهالي القرية لوزارة الصحة بني عليها مستوصف لخدمة الأهالي منذ أكثر من 20 سنة أيضاً وتم شراء سيارة صحية لنقل المرضى في حال الحاجة والوفيات إلى الأماكن المطلوبة، ويجري التعاون حالياً لشراء قطعة أرض لبناء مدرستين للحلقة الأساسية الأولى والثانية، وأخرى لبناء مركز للهاتف الآلي ومثلها لمبنى البلدية.
بالإضافة لبناء صالات لتقديم واجب العزاء موزعة على جغرافية البلدة وكل صالة منها مؤلفة من جناحين جناح للرجال وآخر للنساء فيما الجمعية ملتزمة بكل مستلزمات واحتياجات هذه الصالات بحيث لا يتكلف أهل المتوفى أي تكاليف، وتقوم بتأمين حوائج الوفيات في المقابر التي تم شراؤها وتجهيزها من قبل الجمعية.
60 فرصة عمل للشباب
مساهمات الجمعية شملت أيضاً تسوية قطعة أرض وتقديمها لمركز الطوارىء والإطفاء الذي أمن أكثر من ستين فرصة عمل للشباب، إلا أنه تم توقيفه من قبل الجهات الرسمية بسبب عدم تجديد العقود للعمال، رغم أهمية وجوده في منطقة جبلية مليئة بالأحراش والغابات، وبعيدة عن مراكز الإطفاء في المدينة.
كما تم خلال العامين الماضيين تقديم بناء للمصرف التجاري السوري، بعد أن جهزته بجميع التجهيزات اللازمة بالمواصفات المطلوبة. ومؤخراً قام شباب القرية بمساعدة عمال البلدية بتنظيف الشوارع وترحيل القمامة.
ورغم أن ريع صندوق الجمعية محدود ومتواضع وهو عبارة عن تبرعات طوعية من الأهالي، وأصحاب الأيادي البيضاء لإعانة المحتاج، وجبر الخواطر، وتقديم راتب شهري لسائقي سيارة الإسعاف والميكرو، وجميع أعضائها يعملون بشكل مجاني كأسرة واحدة لتقديم ما هو أفضل، والجمعية تأسست منذ خمسين عاماً على أيدي أبناء القرية ودأب روادها على الإصلاح بين الأهالي وحل مشكلاتهم وتحمّل المسؤولية الاجتماعية تجاههم في مختلف المجالات.
الحديث يطول عن العمل الأهلي في الدالية، وعن جمعيتها الخيرية، والتي أضحت نموذجاً يحتذى للتعاون المجتمعي.

رويدة عفوف
التاريخ: الجمعة 3-5-2019
الرقم: 16970

 

آخر الأخبار
أنشطة خدمية وجولات ميدانية لتحسين واقع الحياة في مدينة سراقب الصالح يبحث مع يرلي كايا تعزيز التعاون في إدارة الكوارث منتدى الاستثمار  السوري – السعودي ينطلق في دمشق.. وزير الإعلام:  سوريا تربة خصبة وسوق واعدة للاستثم... منتدى الاستثمار السوري السعودي.. خطوة كبيرة في مسار الانفتاح الاقتصادي عمر الحصري رئيس هيئة الطيران المدني بعيد تكليفه: أتعهد بإطلاق منظومة طيران آمنة وفعالة المنتدى السوري السعودي يؤسس لشراكة نوعية.. وزير الإعلام: 44 اتفاقية بقيمة 6 مليارات دولار القطاع التأميني يتحرّك.. لجنة فنية وملتقى دولي وتدريب حديث مرسوم رئاسي بتعيين شادي سامي العظمة رئيساً لهيئة التميز والإبداع تعزيز التنسيق في إدارة الطوارئ.. زيارة رسمية لوفد وزارة الطوارئ السورية إلى أنقرة التوسع باختصاصات الصيدلة ودعم الخريجين في الشمال مرسوم رئاسي بتعيين عمر الحصري رئيساً للهيئة العامة للطيران المدني قيمة تأسيسية في مسار بناء الوعي.. التطوع جوهر الشراكة المجتمعية "توب بلاستيك" قصة نجاح من غازي عنتاب إلى حسياء الصناعية يعكس ثقة استثمارية سعودية متزايدة.. إطلاق أول مصنع للإسمنت في سوريا "حمزة لم يحمل سوى شارة الإنسانية".. قلق متصاعد بعد اختطاف متطوع  الدفاع المدني بالسويداء العمل على إصدار تعرفة نقل منصفة.. 20 باص نقل داخلي في طرطوس حلب تستعيد نبضها.. مشاريع تعافٍ وأمل بالعودة الآمنة للمهجرين في مشهد تفاقمها.. تحديات تعيق الاستثمارات في النفايات دخول قافلة مساعدات إغاثية لمحافظة السويداء أول مشروع لصناعة الإسمنت الأبيض في سوريا.. اطلاق مصنع "فيحاء" للاسمنت بعدرا