لا حرب أميركية مع إيران

 

رغم الحملات الإعلامية الصاخبة والعقوبات التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد إيران وتعزيز القوات الأمريكية الموجودة في الشرق الأوسط فلا حرب مواجهة بين إيران والولايات المتحدة على المدى المنظور ونسخ حروب الخليج الأولى والثانية مستبعدة كلياً لكن الحرب في الشرق الأوسط ستبقى مستمرة.
حين يخفق الهجوم على النقطة الأضعف لدفاع الخصم فإنه شبه انتحار القيام بهجوم على نقاط أكثر تحصيناً لذلك لن يكون هناك حرب ضد إيران وترامب لا يعرف كيف يتفاوض معها إنها الحرب التي أرداها جون بولتون لكن العمى الايديولوجي والاستراتيجية العسكرية نادراً ما يتوافقان فمن فكرته بإرسال خمسة آلاف جندي أمريكي إلى كولومبيا للمشاركة بتغيير النظام في فنزويلا إلى الفكرة المجنونة بإرسال 120 ألف جندي إلى الشرق الأوسط نصفهم إلى العراق والباقي إلى السعودية والتي نفاها ترامب .
هذه النسخ لحروب خليج كارثية مستبعدة تماماً، هناك مشكلة أيديولوجية حقيقية داخل أوساط نخب الإدارة الأمريكية فهذه الدوائر تعتقد أن الولايات المتحدة يمكّنها أن تقود بنجاح حروباً عالمية على أربع أو خمس جبهات في العالم من إيران والعراق وسورية ولبنان والخليج إلى أوكرانيا ومولدافيا والبلطيق وإلى كوريا وبحر الصين شرقاً وفي هذا الصدد فإن أشخاصاً مثل جون بولتون بعيدون عن الواقع تماماً بل يعيشون وهماً ذاتياً لهذا السبب فإن رجل أعمال مهووس ومتردد مثل ترامب لا يتدبّر أموره مع هذيان بولتون بالحرب في عالم ستكون أي خطوة خاطئة قاتلة أو كارثية عليه ولم يكن اللقاء الذي حصل بين بومبيو ولافروف في سوتشي سوى ضمن سلسلة محادثات مضطربة عاصفة بين الولايات المتحدة وروسيا حيث كل طرف يدافع عن مصالحه بعيداً عن التقارب الذي ترى فيه الولايات المتحدة أمراً غير ممكن فهي الوحيدة بحسب اعتقادها تتمتع بموقع ذي امتياز.
إن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران تعود إلى العام 1979 بل اتخذت مداها خلال فترة حكم أوباما أكثر من تلك فرضتها الإدارة الحالية وما يقوم به ترامب ليس سوى إعادة فرض عقوبات خضعت لها إيران سابقاً ورغم قرع طبول الحرب إلا أن الطرفين لا يريدان حرباً مكلفة والتهديدات التي تزيد التوتر بطريقة صاخبة ليست أكثر من تهديدات ويبدو الرئيس ترامب مع فريقه من المحافظين الجدد في حالة انذهال جاهلين كيف يتفاوضون مع إيران لذلك يسعون عمداً الى خلق وضع متوتر وخطير في الشرق الأوسط خاصة خلال ستين يوماً المهلة التي منحها الرئيس الإيراني للأوروبيين الموقعين على الاتفاق النووي كي يدرسوا التزامهم قبل الانسحاب من الاتفاق فمستوى التوتر يتزايد وبعد ستين يوماً من المحتمل أن يزيده ترامب وأن يفرض عقوبات أكثر.
إيران مقتنعة بأنها القادمة على قائمة الأهداف بعد أفغانستان والعراق وسورية وقد جاء ذلك في الحبكة الروائية لشمعون بريز عام 1996 وتكررت في طموحات ترامب الذي يرغب بتدمير إيران من الضربة الأولى ويخلق حالاً مشابهة لتلك التي حصلت عام 1988 حين قبل الإمام الخميني بقرار سلام مع العراق واصفاً إياه «بالقاتل أكثر من تجرّع السم» لكن إيران في العام 1988 لم تكن تمتلك القدرات التي تمتلكها في العام 2019 وقد لا يستطيع ترامب دفعها إلى طاولة المفاوضات وحرب قد لا تمكّنه من بلوغ أهدافه وتدمير إيران وليس أكثر من منع دعم شركائها لها في الشرق الأوسط.
الاستخبارات الأمريكية أفادت بأن طهران وحلفاءها يحضرون لضربة قاسية والأمريكيون يتحضرون للرد وعلى هذا الأساس أبلغ الدبلوماسيون الأمريكيون في العراق بالمغادرة أيضاً أوقف الجنود الألمان والهولنديون مهام التدريب للبشمركة ولزموا معسكراتهم وإذا فكرنا في هذه الاجراءات فهذا يعني أن الأمريكيين يخشون هجوماً ما حتى البارجة الحربية الإسبانية رفضت متابعة الحراسة أو المواكبة في قناة السويس مع البوارج الأمريكية لأن مدريد لا تشارك واشنطن وجهات نظرها حول الوضع المتوقع في المنطقة رغم أن الأمريكيين حشدوا الأسطول الخامس في بحر العرب مع حاملة الطائرات ابراهام لنكولن في خطة تكتيكية كما أنهم نشروا أربع مدمرات استراتيجية B-52 في قطر وفيما يخص ذلك هناك مشكلة فقد لا تستطيع إطلاق مهمات حربية ضد إيران لأن قطر تقيم علاقات جيدة مع إيران يضاف إلى ذلك إمكانية انفجار أسعار النفط وأن تصبح القواعد الأمريكية القريبة من إيران هدفاً للصواريخ الباليستية الإيرانية وفي الواقع إن كثيراً من اللاعبين في المنطقة لهم مصلحة في أن تضرب الولايات المتحدة إيران كما فعلت في العام 1988 عندما ضربت سفينتين حربيتين إيرانيتين لكن الوضع مختلف اليوم، طبعاً إيران لن تربح الحرب بالمقابل الولايات المتحدة حتى لو أنها مدعومة من إسرائيل والسعودية (التي ليس لها حديث سوى غزو العدو الفارسي) بالتأكيد لن تستطيع التغلب بسهولة على هذا البلد الشاسع الذي يبلغ عدد سكانه 82 مليون نسمة.
فإيران والولايات المتحدة الأمريكية دخلتا دوامة جهنمية نحو حرب يمكن تجنبها.

 

عن موقع فالميه
ترجمة: مها محفوض محمد
التاريخ: الجمعة 17-5-2019
رقم العدد : 16980

آخر الأخبار
"لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها