الدورات المدرسية الصيفية للشهادتين.. رسوم رمزية للحد من أسعار المعاهد الخاصة.. والعبرة بالتنفيذ والمتابعة
مع بداية فصل الصيف تنشط وتزدهر الدورات الصيفية للطلاب المقبلين على شهادتي البكلوريا والتاسع، سواء في معاهد تعلم اللغات أو في البيوت أو في المدارس الحكومية، وقد دخلت هذه الظاهرة سوق المنافسة القوية بعد تعديل المناهج الدراسية وارتفاع المعدلات الجامعية بالإضافة إلى جملة من الأسباب الاجتماعية والنفسية التي تدفع الطلاب وأهلوهم للبحث عن الأفضل بين هذه الدورات كل حسب معرفته وإمكانياته.
مبادرات تربوية
ووسط هذا الانتشار الواسع للمعاهد الخاصة وأسعارها المرتفعة التي تفرضها مقابل تدريس نصف أو ثلثي المناهج هناك أصحاب الدخل المحدود الذين وجدوا أنفسهم أمام ضرورة مجاراة الظاهرة لتأمين مستقبل أولادهم وبين صعوبة تأمين المبالغ الكبيرة التي تطلبها هذه المعاهد أو مدرسي الخصوصي، فكانت الدورات الصيفية التي تقيمها مديريات التربية وبعض الجهات النقابية كنوع من التدخل الإيجابي لحل هذه الإشكالية.
وقد أكد الأستاذ عبد الحليم يوسف الموجه الأول للغة العربية في وزارة التربية أن الدورات الصيفية تقام من قبل لجان مشكلة في مديريات التربية تتألف من مديري التربية والمعاونين ورؤساء الدوائر المعنية والمحاسبة، ويتم الإعلان عن هذه الدورات في المدارس بإشراف المديرن الذين يرفعون أعداد الطلاب المسجلين فيها إلى مديرية التربية في دائرة المناهج لتوجيه المشرفين على هذه الدورات وانتقاء المدرسين الكفء المناسبين لهذه المهمة.
لهذه الأسباب
وبخصوص تفضيل المعاهد الخاصة على الدورات التي تقيمها المدارس الحكومية أشار اليوسف: بأن هناك دعاية إعلانية كبيرة تتبعها المعاهد الخاصة لتقديم نفسها، ربما يكون الخلل في اختيار المدرسين الأمر الذي يدفع الطلاب إلى اختيار المعهد الفلاني من أجل مدرس يفضله في تدريس هذه المادة أو تلك. ولكن لا نستطيع أن نقول أن جميع الدورات مستواها متدن لذلك وهناك اختيار لأفضل المدرسين للتعليم فيها وهناك الكثير من الدورات التعليمية التي خرجت طلاب على أعلى المستويات. وبين أن اختيار المدرسة يكون بحسب التجمع السكاني للمنطقة، إذ من الممكن أن تلغى الدورات في حال كان العدد أقل من عشرة طلاب ، وبالوقت نفسه يجب ألا يزيد عدد الطلاب في الشعبة عن العشرين طالبا وطالبة،
موضحا: أن مشروع الدورات موجود في مدارسنا قبل الأزمة وهو يطبق في كل منطقة فيها تجمع طلابي للمرحلة الثانوية، بأجور رمزية كانت تعادل مئة ليرة سورية على الساعة الواحدة، ولعل ذلك هو السبب في عدم إقبال المدرسين على هذه الدورات وتوجههم نحو الخاص. ولكن وبشكل هي الأفضل لأن أسعارها لا تشكل عبئا على الطالب، فجميع المواد تعادل سعر مادة واحدة في المعاهد الخاصة ولأنها تتبع الأسلوب التربوي والتعليمي معا.
رديفا للمدارس الحكومية
وأكد مدير تربية ريف دمشق ماهر كمال فرج أن هذه الدورات تشكل رديفا أساسيا للمدارس من حيث الاهتمام بالمستوى التربوي والتعليمي للطلاب من خلال متابعتهم وتأمين كوادر ذات كفاءة وخبرة تعليمية وتربوية. حيث تم إحداث مراكز الدورات التعليمية بناء على المرسوم التشريعي رقم 35 لعام 2010م والمتضمن (يجوز لوزارة التربية إقامة دورات تعليمية في مدارسها خارج أوقات الدوام الرسمي ويصدر وزير التربية قرارا يتضمن مدتها ومواعيدها وأسس القبول وأقساط الدورة ونسب توزيعها على المدرسة والعاملين في هذه الدورات.
مبينا أن العمل في هذه الدورات يكون من خلال تشكل لجنة برئاسة إدارة التربية مهمتها التخطيط ووضع خارطة لإقامة الدورات على مستوى المحافظة والإشراف عليها ومعالجة أوضاعها وتقويم نتائجها والعمل على تطويرها، ثم يكلف الموجهون الاختصاصيون بالإشراف الميداني على الدورات، يتبعها تشكل إدارة تربوية لكل مركز تعليمي مهمتها المتابعة اليومية للدورة ومعالجة أوضاعها ومسك السجلات المطلوبة.
على مدار العام
يعفى أبناء الشهداء والطلاب الثلاثة الأوائل من الصف الثامن والحادي عشر من كل مدرسة من أقساط الدورة التعليمية بناء على قرار الوزارة رقم 1010 /543 لعام 2015 في إطار مشاركة وزارة التربية في حملة عيشها غير وأوضح الأستاذ فرج : أن هذه الدورات مستمرة بشكل دائم صيفا وشتاء، فهناك دورات منهاج كامل خلال العام الدراسي ودورات تقوية وهي مخصصة للطلاب النظاميين بموجب تسلسل دراسي والطلاب الأحرار الراغبين بالتقدم إليها، ويجب أن يتوفر المخابر والمكتبة والحواسب في موقع قيام الدورة. وأكد مدير التربية أن الحد الأدنى لافتتاح مركز الدورات هو 40 دارسا أو 3شعب، وعليه يتم التعاقد مع المدرسين القائمين على رأس عملهم من داخل الملاك والأفضلية لحملة دبلوم التأهيل التربوي والاختصاص والماجستير ومن يجيد العمل على الحاسب ومن اتبع دورات دمج التكنولوجيا بالتعليم.
قائلا: أنه تم اختيار أكثر من مركز تعليمي في كل مدينة وناحية على اتساع محافظة ريف دمشق وقد لاقت مراكزنا التعليمية إقبالا لافتا ومميزا من قبل الطلاب وحققت نسب نجاح عالية جدا.
مقارنة مشروعة
من خلال متابعة بسيطة لبعض أسعار الدورات الصيفية التي تقيمها المعاهد الخاصة أو ما تسمى لدى مديرية التربية بالمعاهد اللغوية تتراوح بين 70 ألف و 120 ألف ليرة سورية لطلاب الشهادة الثانوية وهي تختلف بين المدينة والريف إذ أنها تزدهر أكثر في المدن وأسعارها تحلق عاليا بينما تكون في الأرياف أقل وأسعارها مقبولة إلى حد ما، وقد أصبح لدينا مئات المخابر اللغوية على مستوى المدن والأرياف، تضع التسعيرة بحسب إذا كان الطالب يرغب بكافة المواد الأساسية فيدفع المبلغ بالكامل، أو مادة واحدة مقابل مبالغ قد تصل إلى 40 ألف ليرة بحسب نوع المادة. في حين تتراوح أسعار الدورات في المدارس الحكومية بين 20 حتى 44 ألف ليرة سورية ولجميع المواد الأساسية.
فقد أكد مدير تربية ريف دمشق أن رسوم التسجيل حددت من قبل الوزارة طيلة العام الدراسي للمنهاج الكامل للثالث الثانوي العلمي 43600 ليرة سورية أي بمعدل 7200 ليرة سورية عن كل شهر ، والمنهاج الكامل لطلاب الثالث الثانوي الأدبي 39200 ليرة سورية أي بمعدل 6500 ليرة سورية عن كل شهر، وحدد المنهاج الكامل للتاسع الأساسي 22800 ليرة سورية بمعدل 3800 كل شهر. وذلك تماشيا مع الوضع المعيشي نتيجة الحرب والإرهاب والحصار الاقتصادي وما يعانيه المواطن من ارتفاع الأسعار فكانت الدورات التعليمية في مدارسنا برسومها الرمزية وكوادرها المتميزة المنهل الأفضل للطلاب من خلال تحفيزهم وتشجيعهم وإيصالهم إلى مرحلة التعليم العالي ، مقارنة بارتفاع رسوم التسجيل في المعاهد والمدارس الخاصة.
حاجة ملحة
يرى العديد من طلاب الصف الحادي عشر العلمي والأدبي أن هذه الدورات التعليمية مفيدة جداً وضرورية وبخاصة بعد أن تغيرت المناهج وأصبح الطلبة لا يعرفون عن الكتب الجديدة شيئا، ولاسيما للمواد الأساسية مثل الفيزياء والكيمياء والعلوم والفلسفة والتاريخ كونها مواد تعتمد على قواعد ونظريات علمية، ويرى البعض الأخر أنها تساعد في تنظيم الوقت خلال فترة الصيف وتعطي الطالب فكرة عن المناهج المقبل على دارستها، لكنهم بنفس الوقت تحدثوا عن الحيرة في الانتقاء بين المعاهد التي يسجلون فيها لهذه الدورات والأسعار الكبيرة التي تتقاضها مقابل بعض المواد الأساسية حيث تتراوح التسعيرة بين 70 إلى 100 ألف ليرة سورية مقابل فترة زمنية لا تتجاوز الشهرين. وبين الدورات التي تقيمها المدارس الحكومية فهناك أراء متضاربة بين الكوادر التدريسية حول هذا الأمر ما يجعل الطالب يقع في حيرة من أمره.
ميساء الجردي
التاريخ: الاثنين 20-5-2019
الرقم: 16981