ثورة اون لاين : منذ قبلت الولايات المتحدة أن تكون دولة بحجم ميكرونيزيا من خلال الذهاب الى الأمم المتحدة استهدافا لسورية كان واضحا أن واشنطن فقدت صوابها رغم عدم خلوها من العقلاء ..
منذ ذلك الحين وقبله عندما استخدم الأصدقاء في روسيا والصين الفيتو المزدوج الأول ، ثم الثاني، كان يجب على الولايات المتحدة أن تتوقف قليلا لاعادة الحسابات ، كان ينبغي عليها أن تتوقف جديا ، وأن تعد للعشرة أو ربما للألف قبل أن تخطو مع الخليجيين المأفونين باتجاه نيويورك حيث الأمم المتحدة ، وباتجاه جنيف حيث مجلس حقوق الانسان ، والى تونس حيث آخر المهازل !!.
هي تعرف أكثر من غيرها النتائج التي يمكن أن تخرج بها من هذه الاجتماعات ، ذلك انه من غير المعقول أن تكون نسيت وصفها ووصف مندوبيها للأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان أيام المعتوه بوش الابن بأنهما تجمع للفقراء والضعفاء لا وزن له !!.
طبعا نحن لا نوافق على هذا الوصف الذي ينطوي على كثير من الاستعلاء والاستكبار ، ونؤمن بأن الامم المتحدة بمنظماتها مجتمعة تمثل المجتمع الدولي لو لم تخضع ادارتها والعديد من أعضائها للابتزاز والضغط الأميركي ، لكن طالما كانت واشنطن رأت فيها ما رأت لجهة أنها تجمع الفقراء والضعفاء ، فبماذا تفسر ذهابها الى هذا التجمع ولجوءها اليه سوى أنها وضعت نفسها في مقدمة المشاركين بماراتون السقوط السياسي الذي بدأ مع بدء محاولات استهداف سورية ؟؟.
هو سؤال معقد وصعب من المؤكد أن ادارة باراك أوباما تقف اليوم حائرة .. تدور حول نفسها عاجزة عن الاجابة عنه ، تماما كما تقف حكومات غربية وأوروبية موقف العجز ذاته ، وهو ما يؤكد أن هناك في أميركا وأوروبا جيلاً سياسياً نشأ وترعرع من دون أن يتعلم ألف باء السياسة ، ومن دون أن يكلف نفسه عناء قراءة التاريخ أو الاطلاع على التجارب السابقة وأهم الخلاصات التي خلص اليها سياسيون مخضرمون أو تخضرموا بعد تجارب مرة خاضوها في الشرق الأوسط ، وعرفوا أو تعرفوا من خلالها الى سورية .. أهميتها .. دورها .. موقعها .. شعبها .. قيادتها .. الخ .
ربما مازال هناك متسع أمام واشنطن وباريس ولندن وبرلين وغيرها من العواصم الغربية وفرصة للانسحاب من ماراتون السقوط المريع ، وربما لا يكفي أن تعبر السيدة كلينتون عن خشيتها من تسليح ما يسمى بالمعارضة السورية ، وبالتأكيد لا يكفي أن يتحدى رئيس الأركان الأميركي أصحاب دعوات التسليح بأن يحددوا هوية هذه المعارضة المزعومة … لا يكفي هذا أو ذاك لتجنب الولايات المتحدة نفسها خطر السقوط ، ولا يكفي أن تفتر أو تتخامد أو تتراجع حدة الحماسة الأوروبية للتدخل في سورية لتتجنب باريس ولندن وغيرهما تجرع مرارة الهزيمة .
عليهم جميعا أن يعترفوا بأزمتهم وبسلسلة الأخطاء الكارثية التي وقعوا بها ، وعليهم جميعا أن يدركوا بأن حجم أخطائهم وفداحة ممارساتهم غير الأخلاقية في العالم أصبحت من الماضي ولا يمكن للعالم الجديد الذي يتشكل في هذه الأثناء أن يسمح باستمرارها ، وعليهم أن يتقبلوا فكرة تعددية الأقطاب ، وآن لهم أن يتعلموا أن الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان ليست مجرد شعارات ترفع للتلاعب بمصير ومستقبل الشعوب ، بل هي مفاهيم أخلاقية كلية لا تتجزأ ويجب أن تحترم في أربع جهات الأرض ، يجب أن تحترم في فلسطين أولاً قبل أي مكان آخر سواء كان الدوحة أو جدة والرياض والمنامة أو أنقرة وباريس وبروكسل .
ربما يعصم أو يحفظ ماء الوجه لواشنطن ولعواصم الغرب الانسحاب من ماراتون السقوط ، لكن ماذا عن الذين لا ماء في وجوههم .. ماذا عن الذين تورموا واعتقدوا أن بمقدورهم أن يكونوا حيتانا او فيلة .. ماذا عن الذين لم يتعرفوا بعد الا على حضارة رعي الأغنام والابل .. ماذا عن الذين استحدثوا مسابقات لأجمل عنزة وأجمل وأسرع ناقة … ماذا عن الذين يدعون الاسلام والاسلام منهم براء .. عن أي مستقبل يبحثون وأي مصير ينتظرهم .. ؟؟! سنرى ويرون .. ما زالت الأيام بيننا ..
علي نصر الله