منذ أيام وفي تحقيق صحفي مشترك أجراه بعض الزملاء هنا في دمشق، وفي أغلب مكاتب جريدة الثورة في المحافظات، تمحور حول السبب الذي يدفع بسائقي تكسي الأجرة إلى عدم استخدام العدّاد، الذي من المفترض أن يسجل الأجرة العادلة تبعاً لزمن الطلب وللمسافة، ولماذا يقوم سائقو التكسي بفرض الأجرة التي تحلو لهم بمنتهى المزاجية، ودون حسيبٍ ولا رقيب..؟!
التحقيق المُشار إليه كان منصفاً وحيادياً، إذ قام الزملاء بأخذ وجهات نظر مختلف الأطراف، بدءاً من المواطن – الضحية فعلاً – الذي يتكبّد الإنفاق على ( مزاعم ) السائقين وألاعيبهم، إلى الجهات الرقابية (إن في مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك، التي تُصرّ على تلقّي الشكوى كي تتصرّف، ولا أدري من أين.. ولا كيف سادت هذه الفلسفة العلاجية الضحلة..؟! أم في فروع المرور، وللكثير من عناصر تلك الفروع فلسفات رقابية أخرى ليست غائبة عن أحد) كما أخذوا وجهات نظر السائقين أنفسهم الذين أسهبوا في الحديث والتفصيل كي يستروا تلك المزاعم بسياسة الاختباء وراء الإصبع..!!
أغلب السائقين راحوا يؤكدون أنّ المخصصات التي حُدّدت لسياراتهم عبر البطاقة الذكية شهرياً، والبالغة / 350 / ليتر بنزين مدعوم لكل سيارة تكسي عمومية، هي غير كافية، ولذلك فهم مضطرون لشراء كميات من البنزين الحر بسعر أعلى، وهذا هو السبب الأساسي الذي تذرّعوا به، وزعموا أنّهم مضطرون – بوجود هذا السبب – لرفع أجور السيارة على المواطنين وعدم التقيّد بالعدّاد الذي لا ينصفهم، ولا يسجل الأجور المناسبة.
وهذا كله فضلاً عن ارتفاع أجور صيانة السيارات، وارتفاع أسعار قطع الغيار، زاعمين أنهم يقضون أحياناً الأيام والليالي في طابور الانتظار من أجل تعبئة سياراتهم بالبنزين.
وهل قولهم صحيح ..؟
وزارة النفط أثبتت أنّ كلامهم حول أساس المشكلة غير صحيح، ونقصد بذلك أن كمية / 350/ ليتر بنزين غير كافية في الشهر كما قالوا، لأنها في واقع الأمر كافية وتفيض عن الحاجة، فخلال شهر أيار الماضي كانت بيانات تعبئة سيارات تكسي الأجرة بالبنزين، من خلال المعطيات التي سجلتها عمليات البطاقة الذكية خلال شهر أيار الماضي على النحو التالي:
عدد سيارات تكسي الأجرة (الصــــفراء) التي حصلت على البطاقة الذكية في كل أنحاء سورية كان (69149) سيارة.
كل واحدة من هذه السيارات مخصصاتها كما هو معروف / 350/ ليتر بنزين مدعوم، أي إنّ مجمل المخصصات خلال شهر أيار لهذه السيارات كلها كانت على النحو التالي:
69149 x 350= 24202150 أربعة وعشرين مليونا ومئتين وألفين ومئة وخمسين ليترا.
الذي حصل فعلاً أنّ سائقي سيارات التكسي الأجرة الصفراء استغنوا عن / 4 / ملايين و/ 635 / و/ 558 / ليتر بنزين – من مخصصاتهم – لم يقوموا بتعبئتها خلال شهر أيار الماضي..!! فبيانات البطاقة الذكية خلال شهر أيار تُظهر أنّ مُجمل ما تمّ تعبئته من مخصصات بنزين سيارات التكسي بلغ [ 19566592 ] تسعة عشر مليوناً وخمسمئة وستة وستين ألفاً وخمسمئة واثنين وتسعين ليتراً..!!!
إنّ مثل هذه البيانات اليوم كلها تكون جاهزة بكبسة زر، فلا داعي لهذا التشاطر والتذاكي بمثل هذا العيار الثقيل من السذاجة.
أخيــــــــراً
نعود للقول لسائقي سيارات التكسي الأجرة أنه لايمكن حجب الشمس بغربال ونقول لأغلبهم ، لأنّ هناك منهم ما هو شريف ونظيف فعلاً ولا يقبل على نفسه بمثل هذه الألاعيب ونحن جميعاً في هذه الظروف القاسية علينا أن نكون مع بعضنا لا على بعضنا، فلسنا ضد أن تحصلوا على استحقاقكم الذي يحاكي تكاليف الوقود والصيانة وقطع الغيار… ولكننا ضد هذه المزاعم لاخذ ماهو ليس حقاً لكم.
الثورة – علي محمود جديد
التاريخ: الأربعاء 12-6-2019
رقم العدد : 16998