رفض الوعي العربي الوجود الصهيوني في فلسطين، كان الكيان الغاصب يحفر في الصخر ليصل إلى أدنى تواصل مع أي نظام عربي، مغناطيس تل أبيب كان يجذب سراً الملك حسين وملك المغرب، إلى أن أشهر التعامل معهم السادات، بعد حرب تشرين، فكانت جائزة القبول كتابة أسمائهم على شوارع وساحات في تل أبيب.
كان الكيان الصهيوني ينضوي تحت الإسفلت في الشوارع العربية، حين تعج بالمتظاهرين ضده، لأنها أصلاً مغلقة في وجوههم، ظل يخشى حجر أطفال الانتفاضة، هو دريئة الكلمة الرصاصة القاتلة، إلى أن كانت معاهدات كامب ديفد ووادي عربة وقاسمة الظهر أوسلو، لكنها بقيت ألغاماً تحت المصفحة الصهيونية.
فتحت السفارات في دول المعاهدات، مواخير تتلفح بالعلم الأزرق، هو ملعون في مصر من المصريين الشرفاء، قال لي أحد السائقين حين طلبت منه ألا يمر في شارع الماخور الصهيوني، لأني لا أحتمل رؤية علمهم يرتفع في سماء عربية، أجابني معظمنا لا يمر فيه، وقال بلكنته المصرية المحببة (ربنا يحرقهم بكاز).
هم مرفوضون في الشارع العربي، رغم قبولهم الرسمي، مكاتبهم التجارية في دول الخليج كانت تتلطى خلف لافتات مكاتب السفر والطيران، لأن العقل العربي محمي بحصانة قومية، اقتحموا بيروت، شاركوا في تدمير بغداد، وبقي الوعي العربي عصياً.
اجتاح الربيع الصهيوني بلادنا العربية ليبدأ حصاده، تمزقت الشرنقة لتتمشى دودتها في الشوارع العربية، تحتسي قهوتنا على مقاهي الأرصفة بوقاحة العاهرة، وبحماية أنظمتها يتنعمون بالسلام بلا معاهدات، فصار حقاً لنتنياهو أن يعلن ابتهاجه ونشوته.
اللكمة التي تلقاها الرأس العربي أطاحت من عليه الخوذة الفلسطينية التي كانت تحميه بصلابتها، تكسرت الجمجمة أصبح العقل كتلة هلامية بلا تلافيف يرتج فوق رمال متحركة، أزهار الربيع (العربي) قدمها الخونة في إناءٍ فاخر تكريماً للصهيوني.
حرر الربيع الكيان من الحصار والمقاطعة، وفتح معابر من شوارعه إلى الجدران التي أحاط بها كيانه، محمياً بالإخونجية خاصة الأردوغانية، بعد سقوطها في مصر، الحلم السلطاني تلاشى، فسعى لوضع اسمه في أكثر الشوارع ازدحاماً في تل أبيب.
كيف لا والإخونجية الأردوغانية هي الذراع الضارب في الأرض السورية، والحاضن الأكبر لإرهابيي النصرة في الشمال السوري، هل هو عصر الإخوان المزهر في الكيان الصهيوني.
لا يُنْسَى منظر محمد مرسي في مصر يرفع علماً ليس لبلده، وهو رئيس جمهورية، معلناً أنه سيقاتل في سورية، ثم طعنة حماس لظهر دمشق، وقد تحصنت في قلبها بعدما تاهت في سماوات عواصم الشرق، بُرِئَ اليهود من دم المسيح ليسدل الستار على مسرحية الصراع الأزلي، صار بيريز صديقاً حميماً والصلح معهم ليس حراماً.
السعي اليوم لكتابة الفصل الأخير من موات القضية الفلسطينية في المنامة، ها هم الصهاينة يجتازون الموانئ التونسية البحرية والجوية، بجوازات سفرهم (الإسرائيلية) مع إعلان صفقة القرن؛ يتحقق أم فصول الشرق الأوسط الجديد، البوشي الرايسي.
بكل الصفاقة يزور سواح تونس (اليهود) بيت الشهيد أبو جهاد احتقاراً للعرب والتشفي بهم، التنمّر الصهيوني يستمد شرعيته من قرارات ترامب، التي أنهت مفهوم (إسرائيل) دولة معتدية، وأن معاداة سورية أهم وأن العدو الحقيقي إيران والمقاومة.
هي صفقة الإخوان أشواكهم تخز العرب في غير مكان، هم فرع من الوهابية فلا فوارق جوهرية بينهما، وما يروج من الفوارق الفقهية زيف ورياء، فلا فتاوى لكليهما تعترض على العلاقة مع الصهاينة، بل أفتى كلاهما للجهاد في سورية ضد أهلها.
هل يعود الشارع العربي ليضع الصهيونية تحت إسفلته الذي تسير عليه جموع الشعب العربي، مناهِضةً لمنامة الذل والخذلان وإسقاط صفقة القرن ومشروع رايس؟.
شهناز فاكوش
التاريخ: الخميس 13-6-2019
رقم العدد : 16999