مصالح منظومة العدوان المتضاربة تضع أطرافها في موقف ضبابي، وتجعلهم يعيشون مرحلة من التناقضات، حيث لا يستطيعون (التسرع) باتخاذ أي قرار، لأنه قد ينعكس على تلك المصالح.
فتركيا تخشى على علاقاتها مع الولايات المتحدة وأمنها الداخلي المزعوم من جهة، والأطراف الفاعلة بحل الأزمة في سورية وعلى رأسها روسيا وإيران من جهة ثانية، وباتت كأنها تنتظر حلاً من غامض العلم يبدو بعيداً عن الصراعات والتباينات القائمة، بينما واشنطن تخشى السقوط بين الحبال التي تتقافز فوقها لئلا تخنقها، ولذلك تضع يداً على الكتف التركي الملتهب، ويداً على أكتاف المرتزقة المتقيّحة.
الطرفان يتعانقان ظاهراً، فيما يضع كل منهما خنجره في خاصرة الآخر، وعيناه تمتلئان حقداً وضغينة، ما يؤكد أن خوفاً من الغدر يلازمهما لانعدام الثقة، ولتجارب سابقة تحكم علاقاتهما، ولاسيما أن الجانبين يتعاملان مع الأحداث ببراغماتية منقطعة النظير، ويفضل كل منهما مصالحه غارقاً في الأنانية الصرفة.
غالباً ما يكون بين مبتدأ الحرب الإرهابية على سورية وخبرها جمل لا متناهية من المعلومات المتضاربة حيناً والمتشابكة حيناً آخر وغير المقنعة، لأنها تتنافى مع البيانات العملياتية الواردة من الميدان، نتيجة تسييس الأطراف الدولية المعادية لتلك المعلومات، ورغبتها بالتلفيق والكذب، بهدف وضع الكرة في ملعب سورية وحلفائها، ومع ذلك كانت دائماً هناك تطورات متسارعة تبشر بموسم وفير من الانتصارات على التنظيمات الإرهابية، واليوم رغم تكرار الظاهرة، فنحن على موعد مع الموسم ذاته في المناطق الساخنة التي يشعلها التكفيريون بخروقاتهم المتكررة لاتفاق وقف القتال، واعتداءاتهم على مناطق خفض التصعيد.
المتآمرون على سورية ليسوا أعداء لها وحسب، بل أعداء ألداء لشعوب المنطقة برمتها، وهم يعملون دائماً لتضييع حقوقهم، ودفن قضاياهم المصيرية، وما ذهبوا لأجله في البحرين خلال ورشة خصصت لبيع فلسطين ليس إلا جزءاً بسيطاً مما يجري في الكواليس، وخاصة أنه يدعم أولئك ويساندهم مجموعة من الأنظمة الزاحفة والمنبطحة التي قبلت بامتطاء أميركا ودول الغرب الاستعماري لها، من أجل بقاء مهين في كراسي العرش والحكم، غير مدركة أن الدور آت عليها لا محالة، والدليل حديث دونالد ترامب المستمر عن ضريبة حماية تلك العروش، والأموال التي يجب أن يدفعوها إذا أرادوا البقاء في مناصبهم.
كتب حسين صقر
التاريخ: الجمعة 28-6-2019
رقم العدد : 17011