الفراشة السمراء.. رفيقة الدرب رحلت، تأخرت عمن كانت مليكته وبياض أيامه لسنوات ليست بكثيرة، تأخرت عن ملاقاته في دار البياض الأكبر، الكل يسميها رفيقة الدرب.. الدكتورة والأديبة والباحثة والمترجمة ملكة أبيض.. الشاعر الراحل سليمان العيسى سماها الفراشة السمراء، أحس بأول مصافحة لسمرائه أنه يصافح فراشة تطير لا صبية تتحرك بخفة نسمة ورشاقة عصفور، فبدأت رحلة الكفاح بحسب تعريفه للحب..
وعند مليكة بقي الحب شعورا دائما بالقرب من هذا الشخص.. في العام ٢٠١٠ كانت الوجهة منزل الشاعر سليمان العيسى مع مجموعة من الأصدقاء في صحيفة الثورة، وهناك التقيناه مع مليكته التي ملأت أرجاء المكان حيوية وحركة، كانت في أعيننا تلك الزوجة الراعية الحنون العطوف لجسد أثقلت حركته سنوات العمر ولكنها لم تؤثر في ثراء ونبض إبداعه الذي يعود نصف إنتاجه لها على حد قوله وشهادته.. شاطرته أحلامه وأفكاره وحياته منذ اللقاء الأول وسارا معا، رفيقة الدرب أهدت الطفولة ترجمات لقصص عالمية وضع الشاعر سليمان العيسى عليها أشعاره وأثمر تعاونهما أناشيد الأبجدية الأولى واختزالا لكل القيم التي يمكن أن يتزود بها أي طفل..
شعور الخوف من ترك المدرسة في أي لحظة بسبب الظروف التي عاشتها الباحثة ملكة أبيض جعل منها باحثة ومترجمة وأستاذة جامعية، بقيت تقدم دراسات بحثية وترجمات في أصول التربية والدراسات النفسية طيلة فترة التدريس مؤكدة أن العمل الناجح يستلزم بالضرورة البحث العلمي الدائم لتحقيق المنفعة الإنسانية.. مليكة الشاعر، هي ملكة من نساء سورية التي كسرت القيود الاجتماعية والقيود التي كبلت وطنها فشاركت في التظاهرات ضد الاحتلال الفرنسي، وحملت رسالة قومية ومشروعا ثقافيا وطنيا نهضويا، وكانت مثال الأم والزوجة الناجحة على كافة الأصعدة..
نعزي أنفسنا برحيل الدكتورة أبيض صاحبة المنهج والرؤى التي تربط الماضي بالحاضر باستثمار العراقة الحضارية والثقافية التي يقوم الكثير من الأدعياء العرب بتخريبها.. الرحمة والسلام لروح المليكة..
هناء الدويري
التاريخ: الجمعة 28-6-2019
رقم العدد : 17011