ثورة أون لاين -علي نصر الله:
في آخر اجتماع في المنظمة الأممية بنيويورك تَفتقت عبقرية المندوب الأميركي بالأمم المتحدة جوناثان كوهين عن سَبق جديد يُعبر بشكل مباشر عن انفصال إدارته عن الواقع، ذلك في خطابه الذي ضَمّنه مُفردات سياسية كلها صارت من الماضي، وليس بينها واحدة تُعبر أو تُحاكي التطورات وما آل إليه الوضع في سورية.
“لا نعترف بأي صيغة أخرى للحل في سورية سوى صيغة جنيف”، قال كوهين، وهو يَمتلئ عنجهية وانكساراً في آن معاً.
العنجهية الأميركية التي يَحملها كوهين ويُعبر عنها برفض أي صيغة للحل قد تكون ملاذ المسؤولين الأميركيين حالياً، نعم العنجهية هي الملاذ الوحيد الذي يَستوعب كوعاء أوهام الأميركيين وإنكارهم للواقع الذي لا يحتاج لإعادة قراءة كي يتمكن المرء من استنتاج أن هزيمة المشروع الصهيوأميركي، ووحدها الهزيمة، هي ناتج الحملة الأميركية على سورية.
صيغة جنيف لم تُطوَ كصفحة سياسية في التصريحات وعلى المنابر وموائد الساسة، بل طوتها حركة الميدان، فاندحار المرتزقة من الدواعش ومشتقاتهم ممن استجلبتهم أميركا وأعوانها وأتباعها في منظومة العدوان هو العامل الأساسي الذي جعل صيغة جنيف تُصبح من الماضي الذي لا يُمكن الوقوف على أطلاله ليكون مُمكناً استعادته أو النفخ فيه!.
الخطابُ السياسي لا يتضمن اليوم كلمة من جنيف، ليس فقط لأن ما سُرق في جنيف كان يُخالف منطق القانون الدولي، بل لأن ما حصل فيه حصل في ظروف غير موضوعية وغير مسبوقة، وجرى تحت ضغط مجموعة دولية داعمة للإرهاب بقيادة واشنطن المُهيمنة على النظام الدولي، فكانت الصيغة بأصلها صيغة غير قابلة للحياة، وقد صار هذا كله بما فيه أمر الهيمنة أيضاً جزءاً من الماضي.
ربما لهذا، بدا كوهين كما لو أنه يَمتلئ انكساراً حتى وهو يُعبر بخطابه عن حالة العنجهية الفارغة التافهة، إذ ليس بين أعضاء الأمم المتحدة من يُردد أوهام واشنطن إلا ذلك العدد الذي تَقلص إلى ما يُسمى الكتلة الصلبة للعدوان التي تُمثل اليوم تحالف الشر الذي تقوده الولايات المتحدة، والذي لن يتمكن أبداً من تَجاوز اتفاق سوتشي وتفاهمات آستنة، وقبلها لن يكون بمقدوره تجاوز الوقائع الميدانية، وإرادة الشعب السوري .. سورية انتصرت، تَستكمل انتصارها في هذه الأثناء، ولا تُبدي أيّ اهتمام بأي مُربعات للوهم ما زال يُقيم أعداؤها.