أربعة عقود فصلت بين القرار العربي والتصريح الإسرائيلي تحوّلت خلالها البوصلة العربية في السنوات الأخيرة من مقاطعة تل أبيب إلى هرولة استثنائية وفردية نحوها، كان أبرز مظاهرها إقامة علاقات ثقافية ورياضية مثلما جرى في الإمارات والبحرين.
انتشى المسؤولون الإسرائيليون طرباً بسعي العرب نحوهم هذا العام في «مؤتمر هرتسيليا» وهو مؤتمر يعقد بشكل دوري منذ عام 2000 في هرتسيليا الواقعة في فلسطين المحتلة.
حيث تأسس مؤتمر هرتسيليا عام 2000 بمبادرة من عوزي آراد وهو ضابط سابق في الموساد وشغل منصب المستشار السياسي نتنياهو، بعد فشل مؤتمر كامب ديفيد لـ «السلام» مع الفلسطينيين، والغرض الرئيسي من مؤتمر هرتسيليا الدوري مراجعة السياسات الإسرائيلية للعام السابق، وتحديد السياسات الممكنة للعام القادم ومراحل أخرى قادمة قد تمتد لخمس سنوات أو لعشرين عاماً، وتبعاً لذلك تعتبر استخلاصات وتوصيات مؤتمرات هرتسيليا الدورية بمثابة نقطة ارتكاز مهمة تعتمد عليها الحكومات الاحتلال عند اتخاذ قرارات استراتيجية في مستويات الأمن والسياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية والمفاوضات ومساراتها أيضاً ناهيك عن قرارات الحرب بعد توصيف الأخطار التي تهدد «إسرائيل».
يحضر المؤتمر رؤساء حكومات الاحتلال سابقون ورؤساء هيئة أركان، إضافة إلى رؤساء الكيان السابقين، واستراتيجيين وقادة عسكريين وأكاديميين من الجامعات الإسرائيلية المختلفة، ورجال الأعمال وضيوف من المختصين الأجانب من الولايات المتحدة وأوروبا.
وقد بحثت مؤتمرات هرتسيليا التسعة عشر خلال الفترة الممتدة بين الأعوام « 2000-2019» في قضايا يعتبرها أصحاب القرار في «إسرائيل» استراتيجية.
ثمة هواجس لاحقت حكومات الاحتلال المتعاقبة ومراكز البحث الإسرائيلية، وفي مقدمتها الهاجس الديموغرافي بفعل الزيادة الطبيعية العالية بين العرب الفلسطينيين، ناهيك عن استمرار الكفاح الفلسطيني بوسائل مختلفة لمواجهة سياسات إسرائيل العنصرية ولهذا عقد تسعة عشر مؤتمراً بغية فحص المناعة في «إسرائيل».
ومن الأهمية الإشارة إلى أن انعقاد مؤتمرات هرتسيليا تزامن مع بروز مصطلح يهودية الدولة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة بوتيرة متسارعة، وذلك على الرغم من أنه ليس حديث العهد.
وقد حاولت توصيات مؤتمرات هرتسيليا المنعقدة منذ عام 2000 وحتى2019 ترسيخ فكرة يهودية «إسرائيل»، حيث كانت الفكرة المذكورة إحدى ركائز الفكر الصهيوني، وبغض النظر عن أن درجة هذه اليهودية وبعض مضامينها قد كانت مثار جدل بين تيارات معينة في الحركة الصهيونية.
وقد بحثت مؤتمرات هرتسيليا أيضاً أوضاع الاقتصاد الإسرائيلي وأهم أزماته من بطالة وديون وتضخم، وأوصت غالبيتها بآليات عمل وتبني سياسات محددة للخروج من الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد الإسرائيلي.
زعم رئيس جهاز الموساد، يوسي كوهين أعلن أمس الاثنين أنّ إيران تقف وراء الهجمات على ناقلات النفط في الخليج، وعلى أنبوب النفط في العراق وعلى السفارة الأميركيّة ببغداد، وأن الهجمات «صودق عليها من قبل القيادة الإيرانيّة»، ناقلاً ذلك عن «مصادر استخباراتيّة إسرائيلية مزعومة».
ووردت تصريحات كوهين خلال مشاركته في «مؤتمر هرتسيليا للأمن» السنوي وتطرّق خلاله لعددٍ من القضايا، مثل الملف النووي الإيراني، والتوترات في الخليج العربي، والخطة الأميركيّة لتسوية القضيّة الفلسطينيّة.
ونقل كوهين تقديرات جهازه بأن هناك «فرصة اليوم للوصول إلى اتفاق سلام شامل مع دول عربيّة بسبب التهديد الإيراني» كما يزعمون.
وادّعى كوهين أنّ هناك دولاً في المنطقة «تعترف بإسرائيل وتقيم معها علاقات تعاون، لدولتين من هذه الدول فقط يوجد اتفاق سلام، هما مصر والأردن، للدائرة المهمّة للسلام انضّمت دول أخرى في المنقطة، سرّاً، ومن خلف الأضواء».
في حين أن العرب يهرولون لاهثين لتقبيل القدم الإسرائيلية تدفع سورية فاتورة عبثهم الفاجر متصدية لعدو بات صديقاً لبعضهم مضيئة سماء دمشق وحمص بوابل من مقاومة ترتفع فيها هامات الجيش العربي السوري شرفاً وتنحني رؤوس العرب ذلّاً.
زينب العيسى
التاريخ: الثلاثاء 2-7-2019
رقم العدد : 17014