رغم كل المنغصات والظروف الصعبة وتداعيات الأزمة ورغم كل ما يقال عن وجود خلل هنا وترهل هناك إلا أن عجلة الحياة مستمرة في الدوران ووقائع الحياة اليومية منذ اليوم الأول للأزمة وحتى اليوم أكدت الإرادة القوية على استمرار الحياة والحرص على توسيع نقاط القوة ومن بينها عملية التنمية من خلال زيادة الإنتاج والاستثمار الأمثل للإمكانات. وعندما نتناول اليوم عملية التنمية ونتوقف عندها فذلك لأن مخرجاتها تسهم مباشرة في تحسين الواقع الخدمي والمعيشي والإداري ولا سيما في هذه الظروف الصعبة حيث نحن أحوج ما نكون لتعزيز عناصر القوة في مواجهة التحديات والتغلب على الصعاب.
ولذلك أيضاً ينبغي أن ندرك جميعاً أن التنمية عملية ثقافية وعلمية تستند إلى المعرفة والوعي فلا تنمية من دون تخطيط سليم ووعي بأهمية الموازنة بين الموارد المتاحة وعدد السكان وهذا يتطلب مراجعة شاملة لأساليب إدارة الموارد وبأساليب النشاط الزراعي ابتداء من استخدام الموارد المائية بصورة علمية وصولاً إلى تفعيل الإرشاد الزراعي وتحسين الأداء في كل القطاعات الخدمية والإنتاجية وإعادة النظر بأساليب قيادة العمل في هذه القطاعات من خلال الابتعاد عن التنظير والاعتماد على التحليل والوقوف على حقيقة الواقع كما هو.
أيضاً التنمية المنشودة تستند إلى مكونات مهمة أخرى وفي مقدمتها التمكين المجتمعي الذي يهدف إلى النهوض بقدرات المجتمع من خلال زيادة الوعي الاجتماعي والصحي وتدريب الشباب على المهارات المولدة للدخل، لكن ذلك كله يجب أن تتوج بالدعم المؤسساتي والمساعدة الفنية اللازمة والتدريب الجيد لفهم منهجيات تفعيل تنمية المجتمع المحلي.
الأمر الآخر الذي يتصل بموضوع التنمية المحلية هو مشاركة القطاع المدني التطوعي الذي أصبح في المجتمعات الحديثة يمثل منظومة متكاملة تمثل عاملاً مهماً في بناء المجتمعات الحديثة إلى جانب القطاع الحكومي والقطاع الخاص، ومن هنا تبدو أهمية تشجيع العمل التطوعي وجعل الناس يدركون بأن الأصل في تحركهم الاجتماعي وما يبذولونه من جهد ووقت في سبيل الخدمة العامة هو واجب وطني وتجسيد فعلي لمفهوم الانتماء والمواطنة وهو بذات الوقت الصورة المشرقة عن الوجه الحضاري للعلاقات الاجتماعية، وهنا تبدو الحاجة لدور فاعل ومؤثر للمنظمات والنقابات ونعتقد أنه آن الأوان لمثل هذا الدور المفقود حتى الآن.
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 2-7-2019
رقم العدد : 17014