المشـــروع المعـــادي ما بيـــن الأصـــول والفـــروع

المهم ألا تفترسنا الوقائع الجارية في الوطن العربي، وعندها تسيطر حالة من الصدمة والغثيان وهذا ما هو مخطط أصلاً في مجمل المشروع الأميركي الصهيوني الراهن وعندما نفقد الرؤية والاصطفاف سواء بإدراك حقيقة ما يجري وما هو قادم مع الأيام أو من خلال هذا التيه العقلي والشعبي عندها قد تتحول الثغرات في الجسم العربي إلى ممرات آمنة تتسلل منها رغبات ومخططات الذين يقودون حالة العدوان علينا وعلى قضايانا من الخارج ومن الداخل، ونستطيع أن نلتقط عناوين مهمة في هذا الزحف القائم الآن على أجزاء كثيرة من هذه الامة ولا يجوز لأحد أن يفقد الروابط التي تنتظم مجمل المشروع المعادي إلى درجة الاعتقاد أن يتصور بأن ما يجري في سورية وعليها هو إرهاب منظم ومدعوم وكل المساعي لكي يكون هذا الإرهاب مستمراً ومستوطناً ثم يأتي من يقول بأن ما يجري في السودان أو في الجزائر أو في فلسطين هو اتجاه آخر إلى الدرجة التي يعتقد الكثيرون ولا سيما من النخب العربية المزعومة بأن الحالة في سورية هي عدوان نظامي على الشعب بينما الحالة في السودان هي عدوان الشعب على النظام وهذا ما يدفعنا مباشرة إلى تثبيت النقاط التالية:
1- إنها قصة ونهج المؤامرة الكبرى على العرب وعلى قضايا العرب وقد توزعت فصولها وأصولها في مناهج ومراحل وآليات تصدر عن مصدر واحد لتصب في هدف واحد واللحظة الراهنة تؤكد أن القوى المعادية ولا سيما الغربية والصهيونية أدركت بأن هذا الزمن الأغبر هو محصلة كل ما كان ومقدمة كل ما يجب أن يكون وأن التعامل مع هذا الزمن لا بد أن يتميز بالسرعة والتسارع وبالانقضاض الكامل والشامل على هذه الأمة وفي كل مستوى من متسويات وجودها، من السياسة إلى الثروات إلى الثقافة والقيم الموروثة سعياً وراء تدمير البؤر الباقية من حياتنا القومية وإنجاز خطوط ومفاصل هي في الجوهر مصلحة صهيونية ولا بد أن يجري تثبيتها بطريقة تدمير مفاصل الحياة القومية.
2- على أن المسألة بأصلها وحسب قوانين التاريخ لا تقع في إطار ما يفكر به العدو العام وما تخطط له قوى وتشكيلات هذا العدو فذلك أمر معروف ومألوف وما مرت مرحلة زمنية في التاريخ العربي ولا سيما في بلاد الشام شهدت هذه الفسحة من الراحة الطبيعية والمشروعة بل على العكس من ذلك كانت دائماً حالة العدوان تنتظم الوجود العربي وبدأ تاريخنا ولا سيما هنا في سورية هو تيار من النضال المنتصر والمتعثر الذي يقدم باستمرار لمرحلة أخرى من هذا النضال هذه حقيقة لا بد أن تبقى راسخة في الذاكرة حتى لا يتصور حاكم أو نظام أو حزب أو نخبة أننا مرتاحون في الوطن العربي وأن احتمالات الغزو الخارجي ضعيفة أو مضمحلة ما لم ندرك بأن الخطر قائم ودائم وهو وراء الباب مباشرة فإن الوضع بكامله يتحول إلى عامل جذب للمشروع الاستعماري ومن هنا فإن الموقف الأساسي في الوطن العربي وفي عمقه المحرك عبر سورية لا بد أن يستوفي شرطين مهمين، الأول أن تكون مسألة الخطر من الخارج والداخل قائمة في الواقع أو في الاحتمال، والثاني أن يكون الفعل ورد الفعل عندنا عميقاً وثابتاً على أساس احتمالات الخطر الداهم وهذا لا يلغي تيار البناء والعمل بحقائق العصر ولكن كل اتجاهات البناء المادية والمعنوية لا بد أن تكون نابعة من الشعور بالخطر وذاهبة إلى تكوين مصدات الخطر الذي قد يتظاهر بالسكون أو بهذه الحالة من عدم الاكتراث بنا، لعل القانون الأساسي في معادلة العدوان والرد عليه تؤكد كما هي الحالة العربية الراهنة أن الضعف العربي القائم إلى درجة السقوط إنما هو العامل الأهم في بناء قوة العدو والعدوان.
3- طبيعي بعد هاتين المقدمتين أن نتأكد بأن الخطر قائم واهم وطبيعي جداً أن نتشكل في ذاتنا وفي علاقاتنا مع الآخر على أساس ثوابت ومنتجات التجرية التاريخية التي ما زالت تراوح ما بين الكمون والظهور، والتي ما زالت تنوس ما بين العدوان المباشر واستنهاض قوى لهذا العدوان في الداخل العربي بل في تفاصيل الوجود العربي عبر الثقافة والأسرة ودور العبادة والمدارس ومناهج التربية وعبر الأداء الإعلامي الذي تلغي فيه كل مادة مواد أخرى كثيرة، وحينما تنهار أعمدة وجودنا السياسي عبر النظام العربي يجب أن نحتفظ بموارد ومقومات الوجود العربي في أصوله الثابتة ولا سيما في توظيف الثروات الاقتصادية وكذلك في تعميق الفكر والثقافة التي تلح على أن سيالة الزمن ما زالت كما هي وبأن الخطر تغلغل إلى داخل بيوتنا وإلى داخل مقدساتنا كما هو الحال الآن في عقد ثلاث قمم أميركية الأصل سعودية المظهر هناك بجوار بيت الله الحرام وفي موعد واكب عيد الفطر المبارك، إن هذه الحالة من التراخي العربي وضياع الأصول والثوابت هي التي أغرت الآخرين وأدركوا بأن هذه الحالة من التسيب في كل مناحي الحياة إنما هي القاعدة التي تنتج هذا التسيب في دفع المشاريع المعادية في حالة التهيئة إلى حالة الاقتحام، وما دام الواقع العربي ميتاً في كثير من جوانبه فإن الغرب الاستعماري والمشروع الأميركي الراهن ووجود هذه الظاهرة كما يمثلها ترامب كل ذلك سوف يشكل عامل دفع للشر من الخارج إلى الداخل وعامل استقبال من الداخل العربي للقادم من الخارج.

د: أحمد الحاج علي
التاريخ: الاثنين 8-7-2019
الرقم: 17018

 

 

 

آخر الأخبار
دلالات سياسية بمضامين اقتصادية.. سوريا تعزز تموضعها الدولي من بوابة " صندوق النقد الدولي والبنك الدو... سجال داخلي وضغوط دولية.. سلاح "حزب الله" يضع لبنان على فوهة بركان لجنة لتسليم المطلوبين والموقوفين في مدينة الدريكيش مصادرة حشيش وكبتاغون في صيدا بريف درعا The NewArab: الأمم المتحدة: العقوبات على سوريا تحد يجب مواجهته إخماد حريق حراجي في مصياف بمشاركة 81 متسابقاً.. انطلاق تصفيات الأولمبياد العلمي في اللاذقية "لمسة شفا".. مشروع لدعم الخدمات الصحية في منطقة طفس الصحية وزير المالية: نتطلع لعودة سوريا إلى النظام المالي الدولي وقف استيراد البندورة والخيار رفع أسعارها بأسواق درعا للضعفين 34 مركزاً بحملة تعزيز اللقاح الروتيني بدير الزور البنى التحتية والخدمية متهالكة.. الأولوية في طفس لمياه الشرب والصرف الصحي    تستهدف 8344 طفلاً ٠٠ استعدادات لانطلاق حملة اللقاح الوطنية بالسقيلبية  بعد سنوات من الانقطاع.. مياه الشرب  تعود إلى كفرزيتا  جولة ثانية من المفاوضات الأمريكية- الإيرانية في روما أردوغان: إسرائيل لا تريد السلام والاستقرار في المنطقة جنبلاط: هناك احتضان عربي للقيادة السورية واقع مائي صعب خلال الصيف المقبل.. والتوعية مفتاح الحل برسم وزارة التربية النهوض بالقطاع الزراعي بالتعاون مع "أكساد".. الخبيرة الشماط لـ"الثورة": استنباط أصناف هامة من القمح ...