أحمد نور الرسلان – كاتب صحفي
أعلنت المنظمة السورية للطوارئ (SETF)، بالتعاون مع منظمة الإغاثة الإسلامية في الولايات المتحدة (IRUSA)، الإغلاق الرسمي لمخيم الركبان.
المخيم كان يقع على الحدود السورية – الأردنية، وتم إغلاقه بعد إتمام عملية إعادة آخر العائلات العالقة إلى مناطقهم الأصلية.
تمثل هذه الخطوة نهاية واحدة من أطول وأقسى المآسي الإنسانية التي شهدتها سوريا في تاريخها الحديث.

مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية
أُقيم مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية مطلع العقد الماضي في منطقة خفض التصعيد المحيطة بقاعدة التنف الأميركية.
وصل عدد سكانه في ذروته إلى أكثر من 85 ألف نازح، معظمهم من أبناء البادية السورية.
عاش سكان مخيم الركبان تحت حصار خانق طوال سنوات فرضه نظام الأسد البائد وحلفاؤه، ما أدى إلى انعدام شبه كامل للغذاء والدواء والرعاية الطبية، وجعل التهريب الوسيلة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة.
انقذوا مخيم الركبان
وتحت شعار انقذوا مخيم الركبان بدأت المنظمة السورية للطوارئ منذ عام 2019 بتنفيذ تدخلات حيوية داخل المخيم.
التدخلات شملت إنشاء أول صيدلية مجانية، وتنسيق عمليات دعم بري وجوي مع الجيش الأميركي، تم من خلالها إيصال أدوية ومواد غذائية وكتب مدرسية وأطباء للمرة الأولى منذ إنشاء المخيم.
وفي يونيو 2024، نجحت المنظمة في الضغط على الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) لتأمين أكثر من 650 طناً من المساعدات الغذائية العاجلة، وهو ما وُصف حينها بأنه تحرك إنقاذي.
حتى بعد سقوط نظام بشار الأسد، بقيت 86 عائلة (394 فرداً) عالقة في المخيم بسبب غياب الخدمات في مناطق العودة.

مخيم الركبان اليوم
وفي آخر أخبار مخيم الركبان، في يونيو 2025، وبدعم من منظمة الإغاثة الإسلامية الأميركية، نجحت “الطوارئ السورية” في إعادة هذه العائلات إلى مناطق مهين، القريتين، تدمر، حمص، الضمير، ودير الزور خلال 11 يوماً فقط.
وقال الملازم أول رايان هارتي، القائد السابق للقوات الأميركية في التنف: “كانت SETF شريكًا لا غنى عنه… حافظوا على الأمل حيّاً، وقدموا الرعاية والمساعدات ورفعوا صوت الركبان في وجه العالم”.
وأضاف هارتي: “قصة سكان الركبان ستبقى محفورة في ذاكرتي إلى الأبد. إنها قصة كرامة وإنسانية لا تُقهر، ويجب أن تلهمنا جميعاً”.
إغلاق مخيم الركبان تحول تاريخي وسياسي
إغلاق مخيم الركبان يمثل تحوّلاً تاريخياً في المشهد السوري، ليس فقط على المستوى الإنساني، بل السياسي أيضاً.
فهو يشير إلى إمكانية إنهاء الكارثة السورية بإرادة داخلية ودعم خارجي، لكنه في الوقت ذاته يثير أسئلة ملحة عن مصير المخيمات الأخرى المنتشرة في الداخل والخارج.
حصار مخيم الركبان
يُذكر أن المخيم ظل محاصراً من كافة الجهات، حيث أغلق الأردن حدوده منذ عام 2016 بعد هجوم لداعش أسفر عن مقتل عدد من الجنود، ومنع المساعدات المنتظمة.
في حين عجزت الأمم المتحدة عن إدخال المساعدات بشكل منتظم، ما جعل السكان يعتمدون على التهريب بأسعار باهظة، وسط شبه انعدام للرعاية الطبية.
الأيام الأخيرة لمخيم الركبان
في الأيام الأخيرة لمخيم الركبان، برزت مبادرات مجتمعية لدعم عودة الأهالي من المخيم، منها تبرعات خاصة ومساعدات لوجستية من سكان ريف حمص ومدينة تدمر.
حيث أُطلقت حملة “قافلة المحبة” التي أمنت عودة عدد من العائلات بدعم من اللجنة المحلية وعدد من القادة العسكريين، وسط تنظيم حملات تنظيف وصيانة للبنية التحتية في المدينة استعداداً لاستقبال العائدين.
إغلاق مخيم الركبان نهاية مرحلة سوداء
يمثل إغلاق مخيم الركبان نهاية مرحلة سوداء في تاريخ سوريا، ويفتح الباب أمام عودة النازحين وإعادة إعمار ما دمره القمع والحصار. وتبقى القصة شاهداً على صمود السوريين، وإرادتهم في العيش بكرامة، رغم ما واجهوه من ظلم وتجاهل دولي.
اقرأ أيضاً: نهاية مأساة الركبان.. تفاعل واسع ورسائل تعبّرعن بداية جديدة