الثورة – خاص
رحّب السفير الأمريكي لدى تركيا، توماس (توم) باراك، الذي يشغل أيضاً منصب مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى دمشق، بالفتوى الصادرة عن مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا، والتي حرّمت الثأر والانتقام، مشيداً بها كخطوة مهمة في مسار ترسيخ القانون.
وفي منشور له على منصة “إكس”، قال باراك: “خطوة أولى عظيمة من قبل الحكومة السورية الجديدة على طريق بناء سوريا الجديدة”، في إشارة إلى الفتوى التي دعت إلى الاقتصار على سبل القضاء الشرعي في استرداد الحقوق، ورفض أي ممارسات انتقامية أو فردية.
وكان “مجلس الإفتاء الأعلى” قد أصدر فتوى شرعية أكد فيها حرمة التعدي على الدماء والأموال والأعراض، مشدداً على أن استيفاء الحقوق لا يتم إلا عبر المؤسسات القضائية المختصة، وليس من خلال الانتقام أو التصرفات العشوائية.
وأوضحت الفتوى أن من صور الظلم الفادح الاعتداء على النفوس والممتلكات، حتى في حالات الظلم الواقع، مشيرة إلى أن المظلوم له الحق في المطالبة برد حقه، ولكن ذلك لا يكون إلا ضمن إطار قانوني يضمن عدم تحول المظلمة إلى فتنة تهدد أمن المجتمع.
وحذّر المجلس من خطورة الدعوات التي تحرّض على الثأر، معتبراً أنها تؤجج الصراعات وتفتح أبواب الفوضى، مؤكداً أن الشريعة حرّمت القتل إلا بالحق، كما ورد في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾.
ودعا المجلس الجهات المختصة إلى تسريع إجراءات التقاضي، والعمل على تطهير الجسم القضائي من العناصر التي خدمَت النظام السابق ومارست الظلم باسم القانون، مطالباً بضمان استقلال القضاء ونزاهته لتثبيت الاستقرار وتحقيق العدالة.
يحمل البيان الصادر عن مجلس الإفتاء الأعلى بشأن حرمة الثأر والانتقام، أهمية بالغة في إطار الجهود الرامية إلى ترسيخ دعائم السلم الأهلي، ومنع انتشار الفوضى والعنف الفردي، ويُعد هذا الموقف الديني الجريء خطوة محورية في مسار تثبيت سلطة القانون وتوجيه الرأي العام نحو اعتماد الدولة ومؤسساتها مرجعية حصرية لرد المظالم وتحقيق العدالة.
ويمثّل البيان فتوى توجيهية ذات طابع ديني ووطني بامتياز، تهدف إلى وقف دوامة العنف والدم، وترسيخ ثقافة الاحتكام إلى القانون والعدالة الشرعية، كما يبرز دور المؤسسة الدينية كصمام أمان مجتمعي، ينهض بمسؤولياته التوعوية في واحدة من أدق المراحل التي تمر بها البلاد، بما يعزز الاستقرار ويصون وحدة المجتمع في وجه محاولات التشظي والتمزيق.
وكان الرئيس أحمد الشرع قد أصدر في 29 آذار 2025 القرار رقم (8)، القاضي بتشكيل “مجلس الإفتاء الأعلى”، بغرض تنظيم مؤسسة الإفتاء وتوحيد مرجعيتها. وقد ضم المجلس نخبة من العلماء، برئاسة الشيخ أسامة الرفاعي، وعضوية عدد من كبار الشخصيات الدينية في سوريا.