الثورة – خاص:
أقرّ مجلس الشيوخ الأميركي تعديلاً تشريعياً جديداً ضمن قانون الطاقة النووية المدنية (INEA)، يقضي بشطب سوريا من قائمة الدول “المارقة” التي يُحظر التعاون معها في مجال الطاقة النووية، وكانت هذه القائمة تضم سابقاً دولاً مثل إيران وكوريا الشمالية وروسيا وكوبا وفنزويلا، وتمنع الولايات المتحدة من إقامة أي تعاون نووي مدني مع تلك الدول.
ويُعد هذا القرار مؤشراً سياسياً بالغ الأهمية يعكس توجهاً متنامياً داخل المؤسسة التشريعية الأميركية نحو إعادة تقييم السياسة المتبعة تجاه سوريا، لاسيما بعد سقوط نظام بشار الأسد وبدء الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع في تطبيق إصلاحات واسعة على المستويات السياسية والأمنية والدبلوماسية.
السناتورة الديمقراطية جين شاين، صاحبة التعديل، عبّرت في تغريدة نشرتها على منصة “إكس” عن ترحيبها بتمرير التعديل، قائلة: “سعيدة بأن اللجنة أقرت تعديلي لإزالة سوريا من قائمة INEA للدول المارقة مثل إيران وروسيا وكوريا الشمالية، وقالت إن على سوريا أن تستمر في الابتعاد عن تحالفاتها السابقة، وأن تسير في اتجاه الديمقراطية والاستقرار والأمن”.
ويعكس هذا التصريح تنامي الثقة الأميركية بالمسار الجديد الذي تتبناه الحكومة السورية، خاصة في ظل الانفتاح الدولي المتسارع تجاه دمشق، والذي شمل زيارات متبادلة مع مسؤولين رفيعي المستوى من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.
ورغم الخطوة الرمزية المهمة، فإنها لا تعني نهاية القيود الأميركية، إذ أتت بعد أيام من توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً جديداً يفرض قيوداً مشددة على دخول مواطني 12 دولة إلى الولايات المتحدة، لم تكن سوريا من بينها، كما لم تدرج ضمن قائمة الدول الخاضعة لقيود جزئية، وهو ما يشير إلى أن واشنطن تتابع سياستها تجاه دمشق بحذر، مع فتح المجال أمام خطوات مرحلية مشروطة.
وتُعد إزالة سوريا من قائمة INEA خطوة تكميلية في مسار إعادة دمج دمشق ضمن المنظومة الدولية، بعد سلسلة من المؤشرات الدالة على تحوّل سياسي، مثل تخفيف العقوبات المفروضة، والتعاون المشترك في ملفات حساسة كضبط الحدود ومكافحة المخدرات، فضلاً عن بدء محادثات رسمية بين دمشق ومؤسسات دولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تعكس رغبة أميركية متنامية في تجاوز مرحلة العزلة الشاملة، والدخول في شراكة مشروطة مع سوريا الجديدة، تقوم على أساس احترام السيادة، وتنفيذ إصلاحات سياسية وقانونية، وتهيئة الأرضية لإعادة بناء الثقة بين دمشق والمجتمع الدولي.
وتُعد لائحة “البلدان المارقة” تصنيفاً سياسياً تستخدمه الولايات المتحدة منذ نحو ثلاثة عقود كأداة في سياستها الخارجية وخطابها الدبلوماسي، لتوصيف الدول التي تُعتبر معادية للمصالح الأميركية، أو متورطة في دعم الإرهاب، أو تسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل، أو متهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وتضم اللائحة حالياً عدداً من الدول أبرزها روسيا، كوريا الشمالية، إيران، كوبا، وفنزويلا، كما شملت في فترات سابقة دولاً مثل العراق، ليبيا، والسودان، وبحسب ما يترتب على هذا التصنيف، تُمنع الحكومة الأميركية من الدخول في أي تعاون أو تقديم مساعدات لتلك الدول في مجالات الطاقة النووية المدنية.