بلا مقدمات نسأل مباشرة أصحاب الشأن: كيف يمكن تعزيز الثقة بين المواطن والمسؤول عندما تكون أقوال المسؤول ضمن الحيز النظري فقط. وكيف يمكن للمواطن أن يكون بوصلة المسؤول عندما تتناقض الأقوال مع الأفعال وعندما يتم التصريح بشيء والتلميح بشي آخر مناقض تماماً. وأكثر من ذلك هل يجوز أن تعلن مؤسسات حكومية عن قرارات وتطمئن الناس بأن كل شيء على ما يرام ثم تتراجع عن الشيء الذي أعلنته.
كل ما تقدم ليس افتراضياً وإنما ينطبق تماماً على إيقاف استلام محصول الشعير من المنتجين.
لقد أعلنت الحكومة قبل البدء بموسم الحبوب وأيضاً خلال جولة الوفد الحكومي في مراكز الحبوب بالحسكة قبل نحو شهر أن كل المؤسسات المعنية في حالة الاستعداد التام لاستلام كامل الإنتاج من الفلاحين واليوم بعد استلام نحو 200 ألف طن من الشعير يصدر القرار الحكومي بالتوقف عن استلام المحصول رغم أن الإنتاج المتوقع وفقاً لمصادر الحكومة نفسها يصل إلى أكثر من مليون طن من الشعير.
ترى ماذا يفعل الفلاح بمحصوله وإلى أين يذهب..؟
إن إيقاف عمليات تسويق مادة الشعير بسبب عدم وجود الطاقة التخزينية اللازمة قرار يعكس التخبط والارتجال في القرارات المتخذة خاصة وأن قرار عدم استقبال أي كمية من الشعير حالياً يأتي مناقضاً ومعاكساً لكافة التصريحات الحكومية التي أكدت استلام كامل المحصول. كما أن التبرير بعدم وجود طاقات تخزينية كافية يبدو مبرراً ضعيفا لأن الحكومة أعلنت أنها ستستلم كامل الإنتاج ويفترض أن تكون حسابات الحقل والبيدر متطابقة وكان يجب على المعنيين توفير كل ما يلزم لتنفيذ الأقوال والتصريحات.
إن مثل هذه القرارات المناقضة للتصريحات والمخالفة لكل ما قيل في الاجتماعات والتعليمات التي صدرت ولكل الإجراءات التي سبقت الموسم هي السبب الرئيسي في الظلم الذي يقع على الفلاح وهي في نفس الوقت مؤشر واضح على التخبط من خلال تناقض القرارات مع واقع الحال.
اليوم هناك أكثر من ألف شاحنة متوقفة أمام مراكز الشراء ويتحمل أصحابها من الفلاحين مئات الآلاف من الليرات السورية.
فمن المسؤول عن ذلك ولماذا يحدث كل ما يحدث في موسم الحبوب، ولماذا فقدت بعض المؤسسات الحكومية أدوارها الوظيفية وتركت الفلاحين تحت سيطرة واستغلال التجار والسماسرة والفاسدين الذين لا علاقة لهم بالزراعة والفلاحة والحصاد بينما هم الذين ينتشرون في مراكز الشراء ويبيعون ويشترون ويتدخلون ويتحكمون بكل شيء في المراكز بدءاً من باب الدخول مروراً بالقبان وصولاً إلى الخبراء والتحميل والتنزيل.
ورغم أن الفلاح يخضع لكل ذلك ولا حول له ولا قوة بكل أشكال التدخل والسمسرة يأتي القرار المفاجئ بالتوقف عن استلام محصول الشعير ليكون الفلاح هو الحلقة الأضعف التي يمكن التغلب عليها بينما الذين يتاجرون ويسمسرون ويتدخلون بمنأى عن أي سؤال أو إجراء وكأنهم قوى عظمى لا يستطيع أحد منعهم ومحاسبتهم.
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 9-7-2019
الرقم: 17019