يتفرد النظام التركي بإدارة دفة الإرهاب في منطقة خفض التصعيد، نيابة عن المشغل الأميركي الذي بات يتحسب للتداعيات المستقبلية المترتبة على إبقاء قواته المحتلة، ويعمد لإعادة النفخ في أدواته الإقليمية والدولية لتنوب عنه في تنفيذ المهمات القذرة التي ترسمها الدوائر الصهيو أميركية، والرامية إلى إطالة أمد الأزمة إلى القدر الذي يتيح لإدارة ترامب تنفيذ مشروعها المعد لسورية، ودول محور المقاومة في آن واحد.
تسعير نيران الإرهاب، عبر الهجمات المكثفة التي تشنها التنظيمات الإرهابية على مواقع الجيش العربي السوري بريفي ادلب وحماة، وتوسيع دائرة استهداف المدنيين بالقذائف الصاروخية في القرى المحيطة بمنطقة خفض التصعيد، لا تنفصل عن المحاولات الأميركية والتركية الحثيثة لجعل إدلب ومحيطها بؤرة دائمة للإرهاب، وإخراجها عن سياق أي محادثات سياسية في المستقبل القريب أو البعيد، سواء في آستنة أم في سوتشي أم في جنيف، أم في أي مكان آخر، لا سيما وأن ذلك يأتي بالتزامن مع الحديث عن التقدم الملموس على المسار السياسي، المتمثل بزيارة المبعوث الأممي الأخيرة والنتائج الإيجابية التي تحدث عنها، إضافة إلى زيارات المسؤولين الروس إلى سورية والتي تصب في هذا السياق، ما يعني أن أردوغان بات يتوجس من قرب نهاية دوره الوظيفي، ولذلك يحاول اللعب مجددا بورقة إرهابيي «النصرة» لإحداث نوع من التغيير على الخريطة الميدانية، يشهره في وجه الضامنين الروسي والإيراني على طاولة «آستنة» المقررة بداية الشهر القادم.
منظومة العدوان، وبعد أن خسرت معظم أوراقها الميدانية تبدو أكثر تشبثا بعكازها الإرهابي في إدلب اليوم، وأكثر استماتة لحماية إرهابيي «النصرة»، ومن ينضوي تحت رايتهم التكفيرية، لأن إدلب تمثل لأميركا وأدواتها مسألة وجود، فدحر الإرهاب فيها يعني وأد للمخططات الغربية، وبداية النهاية للمشروع الصهيوني، حيث أميركا تعتبر وجود الإرهابيين في تلك المنطقة بمثابة خط دفاع عن وجودها الاحتلالي في التنف والجزيرة السورية، ونظام أردوغان يعتبرها ورقة رابحة لتحقيق أطماعه التوسعية، والدول الأوروبية السائرة في المركب الأميركي تنظر للوجود الإرهابي فيها والعمل على حمايته كنقطة ارتكاز لتحصيل بعض الفتات الأميركي، وهذا ما يفسر اندفاعة شريكي الإرهاب البريطاني والفرنسي لتلبية طلب إدارة ترامب للقبول بإرسال قوات بديلة تحل مكان قوات الاحتلال الأميركي في الجزيرة.. أما حكومة العدو الصهيوني فإنها تجهد منذ البداية لمحاولة تعويم الإرهاب سواء في إدلب أم سواها بهدف إشغال الدولة السورية ريثما تنجح مع وكلائها الأعراب في إنجاز «صفقة القرن».
أميركا تتجه نحو الخسارة الميدانية، وهذا أمر حتمي لكل قوة غازية ومحتلة، ولم تعد تملك من الأوراق سوى مسألة تسعير الإرهاب كورقة مساومة وابتزاز ضد الحكومة السورية، من خلال مواصلة احتضان التنظيمات الإرهابية، والعمل على تقوية شوكة ميليشيات «قسد»، ولكنها سرعان ما ستدرك لاحقا بأن رهانها على ذلك لن يدوم طويلا، والجيش العربي السوري كفيل بإسقاطه، فكما حرر الجيش معظم المناطق من رجس الإرهاب رغم حملات التهديد والوعيد الغربية، فهو لن يعجز عن تحرير ما تبقى من جيوب للإرهاب، في إدلب أو التنف أو الجزيرة، أو عفرين وجوارها.
كتب ناصر منذر
التاريخ: الأحد 14-7-2019
الرقم: 17023