الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
كي نطلق على كتابة ما اسم «معاصرة»، يجب أن تتوفر فيها بعض شروط الحداثة، ليس بالمعنى الزمني طبعاً، وإنما بالمعنى الفكري وبمعنى القابلية للعيش والتجاوز.
تتناقص نسبة الكتابات المعاصرة في زمننا، والدليل على ذلك هو عدم وجود نصوص متجاوزة، يمكنها أن تستمر لما بعد زمننا. وهذا رهن بالتغيرات العالمية، وبالوعي الثقافي الآني. إننا نكتب الآن، ونحن نرثي لما لشكسبير من سطوة على حاضرنا، ولما لغوته من تأثير في حاضرنا وداخل عقولنا، ولما للمتنبي من قوة شعرية على أشعارنا ونصوصنا.
كيف نكون معاصرين؟
نكون معاصرين عندما نكون تغييريين، وندرك حجم مأساتنا الحالية، والمأزق الإنساني الذي نحن واقعون فيه. إننا ما زلنا نتغنى بأدب القرن التاسع عشر، وبفلسفة الإغريق وفلاسفة القرن الثامن عشر، ولا نقوم بشيء سوى ذلك.
إن التواصل الفعال مع الرموز الكبيرة للثقافة العالمية، يجب أن يحفزنا على إنتاج نصوص موازية، أو متجاوزة، وليس أن نقوم بتدبيج حواشي على نصوص مرت عليها مئات السنين. وهذا التدبيج يدل على أننا لا نعي واقعنا الحالي، ونحاول القفز إلى الوراء، وكأن خلاصنا هناك، في تلك اللحظات التاريخية، التي لا يجب أن تكون سوى دروس نتعلم منها، لا أن نستنسخها ونتغنى بها.
لا يفيدنا أبداً أن نتباهى بحضارتنا السابقة، ولن يفيدنا أجدادنا إلا لكي نتعلم منهم، أما الوقوف على الأطلال، فهو محض رثاء رومانسي، يضر ولا ينفع.
التاريخ: الثلاثاء23-7-2019
رقم العدد : 17031