عزف لليلة أنس في فيينا.. ربما دونالد ترامب ألف هذه السمفونية التفاوضية من دون أن يسمعها أو حتى يحضرها.. ليس إعجاباً ببتهوفن ولكن هرباً من المأزق مع طهران…
كان لابد من تهدئة إيران في ساحة الدبلوماسية فالمنازلة في مضيق هرمز أغرقت كل الخيارات حتى خيار بومبيو بالتفاوض من تحت الماء.. اللافت أن وزير الخارجية الأميركي غرق في ماء وجهه يوم قالت له طهران لاشيء سري في هذه المرحلة…نريدها علانية…
الطاولة النووية في فيينا بدت وكأنها السلم الذي نزل به الجميع من الأوروبي حتى الأميركي عن شجرة التصعيد في مضيق هرمز… بريطانيا أول النازلين…وحدها إيران بقيت في أعلى الدرجات.. تقويض الاتفاق النووي يقابل الاستمرار في العقوبات والتصعيد عليها ومن يصرخ أولاً…أوروبا لاتملك صوتها السياسي…الرهان على صراخ ترامب.
ماذا يفعل رئيس الوزراء البريطاني الجديد جونسون غير أن يحسد تريزا ماي على ذهابها في هذه المرحلة…الرئيس الإيراني حسن روحاني نصحه بتحسين العلاقة بين لندن وطهران…الإفراج أولاً عن الناقلة الإيرانية في جبل طارق والإفراج ثانياً عن القرار البريطاني من تبعيته لواشنطن.. النصيحة اليوم بناقلة نفط!
من نصح دونالد ترامب في مغامرة القرصنة من أجل صندوقه الانتخابي.. هو مستشار الأمن القومي بولتون وصديقه نتنياهو… إذا استمرا في الهمس بأذنيه سيذهب الرئيس الأميركي وحده إلى الحروب…حتى إسرائيل تتحسب للمجازفة!… لن تسانده في حرب ناقة نصائحها…
يحاول دونالد ترامب سد أذنيه هذه المرة.. أعطى الإشارة للأوروبيين للذهاب إلى فيينا…حتى الرياض تلقفت الأوامر بالتخفيف من حدة الموقف مع طهران…قلبت الأحوال كلها…ماعادت واشنطن ترغب بالمزيد من التصعيد…يكفيها هذا الحد من الرقص على حافة التهور..
المراوحة في المكان أفضل ما بإمكان ترامب فعله هذه الأيام…حتى في سورية رغم الحماس الأردوغاني الواضح للاستراحة في المنطقة الآمنة أو الأمنية..لن تسمح له واشنطن بها يكفيه أنها رمت له عظمة السكوت عن اختراق الإس 400 للناتو…هل سيقاتلها؟…
لن تسلمه أوراقها الكردية طالما نصفه الثاني مع روسيا…. يضحك حلف الناتو في سره ومعه البيتاغون فأردوغان وقع في حفرة الأكراد ذاتها …فهو إن مضى في المنطقة الأمنية رغم أنف واشنطن وعلى عمق أطماعه في التغيير الديمغرافي فسيحارب بيد واحدة إن وجدت…أردوغان معلق بأطرافه مع حلف الناتو العسكري والذي تديره أميركا…وإن ذهب مع روسيا عاد عارياً دون أحزمة النصرة التي يفاوض فيها في آستنة… وفي جميع الأحوال عليه مواجهة الدولة السورية في نهاية كل المطافات..لذلك بدأ بحرق أوراقه (اللاجئين)..وترحيلهم بترانسفير إلى الجولاني في إدلب…لايراهن العثماني سوى على ورقة الإرهاب..لا أحد يجاهر بها كما يجاهر التركي..خاصة ما قبل آستنة…
لذلك يلوح أردوغان بشراء السو 35 قبل أيام من المؤتمر في نور سلطان.. يريد السلطان الأرعن مقايضة روسيا وإغاظة أميركا وماتبقى من حسابات هي قيد المجازفة…
كان الرئيس التركي متخفياً تحت إشاعة نوبة قلبية عندما قالت موسكو يجب إنهاء الإرهاب في إدلب يحاول أردوغان المراوغة بينما تكثف روسيا وسورية من ضرباتها على «النصرة» ضمن الاتفاقات وعلى أساسها.. ولا نعرف تحت أي إشاعة سينخفض صوت أردوغان في المرحلة القادمة.. على كل حال الأعمار السياسية بيد تطورات الميدان في سورية وضربات الجيش العربي السوري…ألم تثبت التجربة سابقاً؟!
كتبت عزة شتيوي
التاريخ: الاثنين 29-7-2019
الرقم: 17036