ثورة أون لاين – ديب علي حسن:
مهما كبرت جعبة الحاوي فلا بد أن حيلها سوف تنتهي، قد يستخدم العشرات من وسائل الخداع وربما المئات ولكن الجعبة ستصل إلى نهاية محتومة … الحاوي الأكبر في العالم ،والشيطان الذي ما كادت جعبته تخلو من حيل الاستعمار والاستغلال حتى يعيدها مملوءة بوسائل أخرى جديدة ،
بعضها جرب وانتهى إلى مزابل التاريخ، وبعضها الآخر أتى شيئاً من الفائدة له، ولكن قسماً آخر ونهائياً سيعلن أن السحر انقلب على الساحر، لا بل سيدلل على أن الغشاوة التي اعترت عيون البعض حين شاهدوا حيله السابقة قد زالت وإلى غير رجعة على الرغم من الآلام التي سببتها وهل يأتي شيء بلا ألم …. أليس الألم والأمل من جذر واحد متغير وغالباً ما يولد الأمل من الألم …؟!
في شهر آذار حيث تقول الأرض أسرارها وتبدأ انقلابها الربيعي ويبدأ في الشرق هنا فصل جديد ، ربيع مفعم بالحياة ، والأمل والعطاء والاقبال على الحياة، منذ عشرة آلاف عام وطقس أهل الشام (سورية الكبرى ) الاحتفاء بالانقلاب الربيعي على أنه ولادة واستمرار وعطاء وتدفق وديمومة ، ومن هنا كان الخصب والعطاء والاحتفاء بالأرض جذوراًوعملاً وكان الدفاع عنها … فالأرض عرض ، ومن لا أرض له ، لا انتماء له ولا عرض له … وحدهم الذين ظهروا كالسحالي بين الرمال لا يعرفون معنى الأرض والانتماء لها ، وحدهم الذين اغتصبوا عالماً جديداً وراء البحار لا يعرفون معنى الأرض ولا الانتماءومن بعدهم شذاذ آفاق أتوا ليأخذوا أرض غيرهم وبتواطؤ عالمي وهؤلاء هم الذين أرادوا للربيع الحقيقي أن يصبح بلا أرض ،بلا زهور ، بلا زرع، بلا تحولات ما أرادوه مسخاً هجيناً ، لقيطاً قادماً من مصانع البلاستيك الغربية .
«ربيع عبري» أرادوا أن يحل مكان ربيع عمره عشرة آلاف عام ، طقوس الولادة والخصب أرادوا أن يستبدلوها بالذل والهوان ، لم يدخروا جهداً أبداً في التخطيط والتنفيذ عشرات بل المئات من مراكز الدراسات الاستراتيجية وأجهزة الاستخبارات العالمية جهدت منذ عقود للوصول إلى هذه المرحلة المأزومة ،وكان على العربان ونادي نعاج (البيلا) أن تنفذ وتضخ الأموال حتى آخر ما لديها من أجل كسر هذا الإرث الحضاري وجعل المنطقة في قبضة طرح هجين ، رزق بأخ آخر أكثر ضحالة ، جامعة هانت وسهل الهوان على من كان في مركب ذلها…
يوم الأرض يمرمرور الكرام ، لم تعد الأرض المحتلة، ولا القضية الفلسطينية ولا الهم القومي شعاراً نعم، حتى مجرد شعار عند الذين أرادوا لنا ربيعاً آخر مزيفاً….
جامعة تعلن في موسم الخصب والولادة أن الشعار القادم هوالسلام مع اسرائيل … نسوا أن إسرائيل تهددهم أولاً ولا ترى فيهم إلا أجلافاً وعلوجاً ، ومخازن مال ونفط وخلقوا بهيئة البشر ليقبلهم اليهود خدماً لهم … يوم الأرض ليس عنواناً لانتفاضة الشعب العربي الفلسطيني وحده ، هو عنوان حضارة عمرها عشرة آلاف عام ، في شهر آذار تقول الأرض أسرارها وتعلن خصبها ، أرادوا أن يغيروا نواميس الكون ، لكنهم لم ولن يحصدوا الا الوهن، ستبقى الأرض لنا ، وستبقى أسرارها لنا ، وربيعها الخصب لنا، وللمسوخ نعاجهم من (البيلا) إلى(دوللي) … ومن يهن يسهل الهوان عليه هانوا فباعوا ولكن أنفسهم باعوا .
d.hasan09@gmail.com