الثورة – إيمان زرزور:
ألحقت الحرب الطويلة في سوريا أضراراً كارثية بالبنية التحتية، وأدت إلى تدهور مستويات المعيشة في معظم المدن والبلدات، وفي ظل محدودية قدرات الدولة والمنظمات الدولية على تلبية جميع الاحتياجات العاجلة، برزت الفعاليات الخيرية كأداة رئيسية لدعم المجتمعات المنكوبة، عبر جمع التمويل وتقديم المساعدات بشكل مباشر وسريع.
تركز هذه المبادرات على توفير دعم مادي للمناطق المتضررة، وتعزيز وعي المجتمع بمعاناة الأسر المنكوبة، إضافة إلى حشد روح التضامن وتشجيع ثقافة التطوع والمشاركة المدنية، خاصة بين فئة الشباب. كما تسهم في إعادة الإعمار الجزئي عبر ترميم المدارس والمرافق العامة، وتعمل في الوقت نفسه على تخفيف الضغط عن المنظمات الدولية من خلال توفير استجابة محلية أكثر سرعة ومرونة. من أبرز الأمثلة مبادرة “أربعاء حمص” التي تحوّلت إلى حملة أسبوعية منتظمة لدعم مشاريع خدمية متوسطة وصغيرة، مثل صيانة الطرقات والمرافق العامة وتوفير الاحتياجات الأساسية للأحياء المتضررة، وقد لعبت المبادرة دوراً ملموساً في إعادة إحياء الوعي المجتمعي بأهمية التكافل، ومنحت المواطنين فرصة حقيقية ليكونوا شركاء فاعلين في عملية إعادة الإعمار. أما في درعا، فقد انطلقت حملة “أبشري حوران” بهدف إعادة تأهيل القطاعات الحيوية في المحافظة، مثل المدارس والمراكز الطبية وشبكات المياه والطاقة، وساهمت الحملة في ضمان استمرار الخدمات الأساسية لمئات العائلات، وشكّلت نموذجاً واضحاً لدور المجتمع المحلي في حماية النسيج الاجتماعي وترسيخ مقومات الاستقرار.
تكمن أهمية هذه الفعاليات في قدرتها على تعزيز التضامن والانتماء، إذ تتيح المشاركة الواسعة للمجتمع الإحساس بالمسؤولية المشتركة، وتفتح المجال لتخصيص موارد حقيقية لإصلاح المدارس والبنى التحتية، إضافة إلى دعم جهود المنظمات الإنسانية عبر تسريع وصول المساعدات وملء الفراغات في الاستجابة.
لقد أثبتت مبادرات مثل “أربعاء حمص” و”أبشري حوران” أنها ليست مجرد حملات لجمع التبرعات، بل أدوات فعّالة في التخفيف من آثار الحرب، ووسيلة لترسيخ ثقافة المشاركة والتكافل. وإذا ما تم تنظيمها بشكل مستدام وشفاف، فستبقى ركيزة أساسية في مسار إعادة الإعمار ودعم المجتمع السوري خلال أصعب مراحله.