ثورة أون لاين ـ بشار الحجلي :
من المؤسف أن تواجه سورية أرض المحبة والسلام وقدوة الشرفاء في وطننا العربي الكبير كل هذا الحقد العالمي الذي صب حممه السوداء غلا وتآمرا واستهدافا لكل أشكال الحياة في سابقة لم يشهدها العالم من قبل طالت البشر والشجر والحجر في البلاد ، والأكثر أسفا أن يلق الوطن كل هذا الحقد من بعض " أبنائه" المأجورين المرتهنين لرغبات أسياد الموت والعنف والإرهاب العالمي حتى يقوموا بحرمان أهلهم ومواطنيهم من مواد غذائهم الأساسية طمعا بثروات سوداء يدفعها أعداء الحياة للنيل من وطننا ومواطننا ، وتنفيذا لمخططات وضعها صناع الموت العالمي الجديد لتفتيت بلادنا ونهب خيراتها ومصادرة قرارها السيادي المستقل.
ومن المؤسف أن ينظم لجوقة القتلة عدد من ضعاف الوطنية الذين احتكروا المادة ورفعوا أسعارها في وقت نحن فيه بأمس الحاجة إلى التعاضد والتكاتف والتعاون والالتفات إلى البحث عن مخارج آمنه تعبر بالوطن إلى حدود الأمن والأمان والانتصار القريب بهمة شعبنا وبواسل جيشنا وبالإيمان بعدالة قضيتنا وصواب موقفنا وإن كره الكارهون.
السوريون اليوم وأمام ما تعانيه البلاد من ألوان الإرهاب والخراب الذي استهدف معظم مناحي الحياة ، يطرحون الكثير من الأسئلة حول ما تتعرض له ثروتنا الحيوانية من عمليات منظمة للاستنزاف عبر عمليات التهريب والإرهاب المنظم الذي حرم شعبنا من أحد أهم مصادر غذائه ورزقه الذي توفره الثروة الحيوانية لمواطنينا الأمر الذي انعكس قلة وندرة في العرض وجنونا في الأسعار لم تتوقعه البلاد من قبل ، والتي سجلت مستويات قياسية وغير مسبوقة شهدتها أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء ومنتجات الثروة الحيوانية من البيض والفروج والألبان والأجبان وغير ذلك من المواد الغذائية ، وسط تأكيدات مسؤولين في وزارة الزراعة تشير إلى أن ما تملكه سورية من الثروة الحيوانية هو بخير وبالمعدلات المقبولة والكافية .
فوضى الأرقام والقرارات المبهمة
تشير إحصائيات وزارة الزراعة إلى أن عدد الثروة الحيوانية في سورية يفوق 21 مليون رأس منها 18،5مليون رأس من الأغنام، وحوالي 1،1 مليون رأس من الأبقار في الوقت الذي بلغ فيه عدد الماعز الجبلي 2،2 مليون رأس والبقية ماعز وإبل وحيوانات أخرى. ويعتبر البعض أن عدد قطيع الأغنام غير معروف بدقة، ورغم تأكيدات الحكومة أن تصدير الأغنام جاء نتيجة وجود 700 ألف رأس فائض، إلا أن هذه الأرقام مشكوك بصحتها، في الوقت الذي سيسهم فيه التصدير بزيادة الطلب وقلة العرض وبالتالي ارتفاع السعر.
ففي الوقت الذي يصل فيه سعر كيلو لحم الغنم العواس محلياً اليوم إلى 1500ليرة سورية، يعتبر البعض فتح باب التصدير عاملاً يسهم في رفع سعر المادة مجدداً، وذلك بعد أن اعترفت الحكومة على لسان وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد ظافر محبك أن منع التصدير لم يفلح بتخفيض أسعار اللحوم، أي أن عمليات التهريب هي المتحكم الأكبر في الأسعار، وبالتالي فإن ضبط التهريب وقوننة التصدير ستكون الأجدر بتخفيض سعر اللحوم دون حرمان المربين من حقهم في الربح..
آليات المواجهة ووقف النزيف
في متابعة المبررات التي ساقها البعض حول الأسباب وراء ما تتعرض له الثروة الحيوانية اليوم من استنزاف ملحوظ ، يبقى الحديث منطقيا عن آليات المواجهة ووقف النزيف والإجراءات الحكومية الرادعة بحق فرسان الأزمة الذين كشفوا عما تخفيه وجوههم القذرة حتى قبلوا بمشاركة القتلة والشياطين والمخربين لحرمان المواطن من ثروات بلده ومنتجاتها التي تشكل أحد أهم مرتكزات غذائه اليومي مقابل الحصول على ثروات شخصية يغذيها أعداء الحياة بتشجيعهم عمليات تهريب القطعان خارج حدود الوطن لحرمان مواطنهم منها .
المؤسف أن عمليات منظمة لتهريب الثروة الحيوانية من الماعز والأغنام والأبقار كانت تتم قبول استفحال الحرب الكونية على سورية وكانت يومها عمليات الضبط والمراقبة عبر دوريات الحدود والجمارك العامة تزف للمواطنين أخبارا خجولة عن إفشال وضبط عمليات تهريب عبر الحدود الأردنية تحديدا وعبر الحدود الشرقية لسورية، لكن اليوم اختلفت مرامي المهربين واتخذت لنفسها شراكة واضحة بشن الحرب الاقتصادية على غذاء السوريين، حيث نشطت خلال الآونة الأخيرة عمليات التهريب في المواقع الحدودية الشمالية وعبر المعابر غير النظامية حيث بيّنت مصادر فلاحيه في تلك المناطق، وتحديدا في الحدودية الشمالية والشمالية الشرقية ، أن أعداداً كبيرة من الثروة الحيوانية ولاسيما الأغنام والأبقار يتم تهريبها يومياً عبر الحدود وذلك بسبب الإغراءات المتمثلة بزيادة أسعارها هناك إلى الضعف عن أسواقنا المحلية.
مسارب علنية عبر الحدود
إلى ذلك أكدت معلومات خاصة أنّ عمليات تهريب واسعة للثروة الحيوانية تتم عبر الحدود اللبنانية السورية يقوم بها أشخاص مرتبطون بتيارات سياسية في لبنان يقومون بتسهيل إخراج وتهريب المواشي والدواجن بشكل غير مسبوق إلى الأراضي اللبنانية عبر أشخاص مأجورين من الداخل السوري وذلك بغية حرمان السوق السورية من مادة اللحوم الحمراء والدواجن.. ورفع أسعارها في الداخل لتزيد من الأعباء الاقتصادية على المواطن السوري .
وذكرت المصادر أنّه عملية التهريب إلى لبنان نشطت بشكل ملحوظ ، لأن هناك من يدفع أضعاف السعر الحقيقي لهذه اللحوم وللقطعان الحية خاصة الأمهات منها ، بهدف حرمان المواطن السوري من منتجاته وخلق فوضى في الأسواق والأسعار وهو ما يحصل فعلا عبر الارتفاع غير المسبوق في أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء على حد سواء وبما يفوق قدرة المواطن العادي..
تنامي ظاهرة سرقة المواشي وتهريبها
على الصعيد ذاته كشفت مصادر فلاحيه في مدينتي حلب والرقة أن الحدود السورية- التركية تشهد عمليات كثيفة لتهريب الثروة الحيوانية إلى جانب مادة المازوت، وكشف عدد من المواطنين عن عمليات تهريب منظمة للمواشي وبينها إناث المواشي المحظور تصديرها، وعزا المواطنون التصاعد في أسعار اللحوم إلى عمليات التهريب التي تنشط عبر الحدود.
وتشير أرقام الجهات المختصة إلى تنامي ظاهرة سرقة وتهريب المواشي إلى دول الجوار خاصة تركيا التي استنزفت الثروة الحيوانية السورية عن طريق تعرضها إلى عمليات انتهاك بالاتفاق ما بين أشخاص وتجار أتراك وسوريين على الحدود وبيعها بأسعار مضاعفة وذلك لممارسة المزيد من الضغط الاقتصادي على السوريين وحكومتهم التي استنفرت الكثير من الجهود لحماية مواطنها في الداخل والحفاظ على تماسك الداخل السوري في مواجهة العدوان المنظم عل بلدنا سورية.
وتعد السعودية السوق الأولى للأغنام السورية، لذا تشهد الحدود السورية العراقية والسورية الأردنية عمليات تهريب مستمرة للأغنام والماعز الشامي إلى أراضي المملكة، إلا أن الوضع حالياً لم يعد كالسابق، حيث شهدت الحدود السورية الأردنية عمليات تهريب لعدد كبير من رؤوس الأغنام بأسعار بخسة جداً، فقد تمكن البعض من الحصول على النعاج الشامية بسعر لا يتجاوز 300 دولار، بعد أن كان سعرها لا يقل عن الألف دولار، حسب ما تناقلته وسائل إعلام أردنية.
بينما ذكرت وسائل إعلام على لسان تجار أنه يوميا يصل إلى الأردن 2000 رأس من الأغنام السورية عن طريق التهريب، حيث تضبط الجمارك ما يقارب 700 – 800 رأس منها، في الوقت الذي لم تمانع وزارة الزراعة الأردنية حصولهم على تلك الأغنام مقابل 5 دنانير و70 قرشاً للرأس الواحد.
ثروتنا الحيوانية في مرمى الإرهاب
بالقدر الذي يستنزف التهريب الجائر ثروتنا الحيوانية يأتي الإرهاب الأسود ليكمل صورة الخراب المنظم الذي تمارسه عصابات القتل والترويع وخراب البيوت الآمنة في سورية حيث فتكت العمليات الإرهابية بممتلكات المزارعين والفلاحين من الأبقار والأغنام والدواجن في مناطق مختلفة من الريف السوري ،فقد تعرضت العديد من الحظائر والمزارع والمباقر والمداجن الخاصة في مختلف المناطق الريفية لهجمات إرهابية، قتلت ما قتلت من أبقار الفلاحين، ونهبت ما نهبت منها ، بقصد حرمانهم من مصادر الغذاء وترويعهم وسرقة ممتلكاتهم التي يحميها العرف والقانون الإنساني الذي لا يتعاملون به على الإطلاق، حيث يستغل اللصوص الذين يحترفون هذا النوع من السرقات حلول الليل بظلامه، وغياب الإنارة بضواحي التجمعات النائية والبعيدة عن الأنظار للسطو على قطعان الماشية والذهاب بها وبيعها إلى السماسرة والمهربين المنتظرين على الحدود .
الاقتصاد تقرع ناقوس الخطر وتحذر..
إلى ذلك نبهت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية إلى أن السعودية تعاقدت مؤخرا مع تركيا على تصدير ثلاثة ملايين رأس من الأغنام خلال الفترة المقبلة ، ما يفتح الباب واسعا أمام تساؤلات حول ، المصدر المحتمل لهذه الأغنام، وبالتالي قدرة تركيا على تأمين هذه الكمية خاصة بعد انتشار ظاهرة التهريب الواسعة للثروة الحيوانية عبر الحدود السورية التركية وسرقة الكثير من الممتلكات العائدة لمواطنين سوريين في المناطق التي شهدت تخريب وإجرام المجموعات الإرهابية المسلحة،المدعومة بوضوح من حكومة أردوغان العثمانية بقصد النيل من القوة الاقتصادية لسورية التي تشكل الثروة الحيوانية أحد أركانها .
خلاصة القول :
اقتصادنا الوطني أحد مرتكزات صمودنا وسيادتنا وكل من يقترب بالعبث نحو هذا الاقتصاد لا يختلف بشيء عن ذاك المأجور الذي ارتضى لنفسه أن يحمل السلاح في وجه أبناء وطنه ومستقبلهم لهذا فإن عملية التصدي للعابثين بالأمن الاقتصادي جزء أساسي من مكافحة الإرهاب وملاحقة الإرهابيين القتلة ولهذا مطلوب منا جميعا مواطنين قبل الحكومة أن نحمي ممتلكاتنا من يد المجرمين واللصوص مثلما يطلب منا جميعا الدفاع عن وطننا بكل ما توفر لدينا من إمكانات وبالمقابل نهيب بالسلطات المختصة التصدي جديا لتهريب واستنزاف ثروتنا الحيوانية خاصة بعد أن وصلت عملية الاستنزاف المدروس لاقتصادنا الوطني إلى مستويات لا يصح تجاهلها أو السكوت عن مسببيها مهما كانت المظلات التي تحميهم داخلية أو خارجية ، وعلينا التنبه أكثر لما يجري حولنا من أخطار حتى نحمي سورية التي نحب وننتمي، بشغاف القلوب وشذرات الروح لأنها تستحق من أبنائها الكثير .
السابق