ديعتبر تحرير مدينة يبرود الاستراتيجية بداية مرحلة تحرير منطقة القلمون الغربي، فالجماعات الإرهابية المسلحة التي سيطرت على منطقة القلمون منذ عام 2012 اتخذت من يبرود أحد معاقلها الرئيسية، ولكن إرادة وتصميم الجيش العربي السوري مكنته من السيطرة على يبرود بعد معركة لم تتجاوز مدتها الـ 48 ساعة، وقد ساعد في ذلك سقوط عدد كبير من الخسائر في صفوف المسلحين وسيطرة الجيش على المناطق المحيطة بالمدينة لا سيما التلال الاستراتيجية.
ففي يوم الاثنين 17 آذار 2014 ارتفعت أعلام الوطن في يبرود معلنة بداية تحرير القلمون، ويوم التاسع عشر من آب ٢٠١٧ لم يكن كما قبله من أيام، فهو بداية مسيرة تحرير القلمون التي أعادت القلمون الغربي إلى خريطة الوطن الذي احتله تنظيم داعش الإرهابي على مدى أربع سنين عجاف، حيث أوقع الجيش العربي السوري في أول يوم من معركة التحرير أكثر من عشرين قتيلاً في صفوف الإرهابيين ومعهم الذين استسلموا وألقوا السلاح وفروا مذعورين، فالجيش العربي السوري ضيق الخناق على الدواعش وقلص خط التماس معهم واستعاد ٨٧ كيلومتراً من المساحة التي احتلها التنظيم في جبال القلمون الغربية، وكانت الغنيمة استسلام ٥٠ إرهابياً حيث ظهر التنظيم في اضعف صوره بسبب بطولات الجيش وبات أوهن من أن يتابع المعركة.
انطلقت العملية بهجوم واسع على مواقع إرهابيي داعش في منطقة جرود القلمون الغربي من جهاته الثلاث الشمالية والشرقية والجنوبية، حيث بدأت مواقع الإرهابيين تتهاوى تحت ضربات الجيش العربي السوري، ليتقدم بعدها في جرود الجراجير وجرود قارة، وأحكم سيطرته على تلال ومرتفعات حرف وادي فارة، ورأس شعبة المغارة، قرنة شميس، دوار خنجر، شعبة السوقي، وادي دوار خنجر، شميس الزمراني ومرتفع ثنايا الحريق.
كما تقدم الجيش أيضا في جبل الموصل الاستراتيجي الذي يشرف على معبر فيخة ومعبر ميرا، لتبدأ مجموعات داعش الإرهابية بتسليم نفسها للجيش السوري على معبر الزمراني بعد السيطرة عليه نارياً.
وقد انجز الجيش العربي السوري انتصاره الأكبر بدخوله غرف عمليات جبهة النصرة الارهابية، بعد انسحاب ما يسمى «سرايا الشام» وهي فصيل إرهابي من مشهد المعركة بالتفاوض، بعدما طلبت وقف إطلاق النار حيث لم يعد لديها ما تستطيع فعله أمام تقدم الجيش السريع وسيطرته على الجرود، في حين وجد زعيم جبهة النصرة في الجرود الارهابي «أبو مالك التلي» نفسه مجبراً على الانسحاب بتسوية، حيث أطلق عليه لقب: «أبو تارك التلي».
وعلى خطا تحرير الغوطة الشرقية لدمشق أجبر الارهابيون على تسوية أوضاعهم في القلمون الشرقي، الأمر الذي قضى بنقلهم إلى الشمال.
فبالنسبة لاتفاق الضمير: في 17 نيسان 2018 تم التوصل لاتفاق مع جماعة «جيش الإسلام» الإرهابية يقضي بخروج حوالي الـ 1000 مسلحٍ منهم باتجاه مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي، وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط ضمن تنفيذ بنود الاتفاق وتسوية أوضاع من يرغب ليصبح العدد الكلي للمسلحين الخارجين من الضمير مع عائلاتهم حوالي 5000 شخص.
أما اتفاق باقي مدن القلمون الشرقي: في 19 نيسان 2018 وبعد أيام قليلة من إخراج مسلحي الضمير تم التوصل لاتفاق مع الجماعات المسلحة قضى بخروجهم من مدن وبلدات «الرحيبة»، «جيرود»، «المنصورة»، «الناصرية»،»العطنة» والجرود المحيطة (جبل البترا، الغليظة، جبل الغار) باتجاه إدلب وجرابلس شمال سورية.
ومع استكمال كافة بنود الاتفاق تم إخراج آخر مسلحٍ من الرحيبة في القلمون الشرقي ممن رفضوا التسوية والبقاء ضمن شروط الدولة السورية ليصبح العدد الكلي للمسلحين الذين خرجوا مع عائلاتهم من المدن والقرى المذكورة أعلاه حوالي الـ 3734 شخصاً، بمساحة إجمالية كانوا يتواجدون بها تقدر بـ 1000كم2 (ماعدا مدينة الضمير ومحيطها)، حيث كان يتواجد في المنطقة إرهابيون من لواء ما يسمى الصناديد، وميليشيا الارهابي أحمد العبدو، وما يسمى «جيش أسود الشرقية»، وإرهابيو القريتين وأحرار الشام، وجيش الإسلام، وسرايا أهل الشام الذين خرجوا من جرود عرسال باتجاه الرحيبة ضمن اتفاق مع الدولة السورية.
ويذكر أن القلمون الشرقي هو المنطقة الرابعة التي تم فيها توقيع اتفاق خفض للتصعيد، بعد الجنوب والغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي.
وكان لتحرير القلمون الشرقي أهمية من حيث: تأمين الجهة الشرقية لدمشق وريفها بشكل كامل، وتأمين الطريق الواصل بين العاصمة ومنطقة البادية السورية ما يعني إبعاد الخطر أكثر عن الطريق البري الذي يصل (طهران – بغداد – دمشق – بيروت)، بالإضافة إلى تأمين العمق الاستراتيجي للجهة الشرقية للبنان من خطر الإرهاب التكفيري.
سلسلة الانتصارات هذه لم تكن تخيلات للمستقبل بل إنها كانت حقائق ممهورة بدم المئات من الشهداء والجرحى من أبطال الجيش العربي السوري .. وهي حقائق عاشها السوريون يوماً بعد يوم.. وساعة بعد ساعة على وقع ذهول العالم واستياء محور الارهاب والعدوان.
الثورة- زينب العيسى
التاريخ: الخميس 1-8-2019
رقم العدد : 17039