مريــض التلاســـيميا ليــــس معوقـــــــاً وليس صحيحــــــــاً..مفاهيــم خاطئـــة وتشريعــات قاصــرة تضاعـف معاناتـــه..
مريض التلاسيميا يكلف الدولة سنويا أربعة الى خمسة ملايين ليرة سورية تشمل أدوية طارحة للحديد ،وحقن ونقل الدم اضافة مايستلزم وضعه الصحي من عمليات جراحية تحت اشراف مركز التلاسيميا في الهيئة العامة لمجمع الاسد الطبي في حماة وفي مركز سلمية بالمشفى الوطني كما تكلف الحالات المشخصة حديثا نحو مليون ليرة سنويا.
لا أخفي مفاجأتي عند معرفتي بعدم منح مريض التلاسيميا شهادة صحية او شهادة سواقة من أي لجنة طبية لذا فإنه ممنوع من الانتساب للنقابات ،حيث نال احد المرضى شهادة في الحقوق لكن لم يسمح له التسجيل بالنقابة فترك المهنة وفتح محلا للبقالة ،كما انه ممنوع من دخول كلية التمريض وممنوع من التقدم للوظائف العامة لأنه غير مؤهل صحيا ،وأن قدرته غير مؤهلة للقيام بمجهود حركي.
فما قصة مريض التلاسيميا ؟
في عيادة ماقبل الزواج يتقدم بعض الخاطبين لاجراء تحاليل مخبرية للكشف عن أهليتهم للزواج والتأكد من أنهما غير حاملين لأمراض وراثية كالتلاسيميا وفقر الدم المنجلي والتهاب الكبد وغيرها من الامراض.
وهذه التحاليل ليست مجانية ومحصورة بعيادة ماقبل الزواج التي يعود ريعها لنقابة الأطباء.
كانت هذه التحاليل تكلف 3500ليرة في 2014ثم أصبحت 12الف ليرة في العام الماضي والرقم دائما مؤهل للارتفاع في ظل عدم استقرار الأسعار.
وهذه التحاليل التي تقوم عيادة فحص ما قبل الزواج لكشف الأمراض لا تملك سلطة منع الزواج لكون ذلك من صلاحيات المحكمة الشرعية التي فيها عقد الزواج.
مصدر في المحكمة الشرعية يقول : إن الأمراض المانعة للزواج هي الإيدز و التهاب الكبد وتنافر الزمر الدموية وغيرها من الامراض الوراثية المسببة لأمراض خطرة و أن المحكمة تمنع الزواج في حالة الإصابة بأمراض معدية وسارية ومحددة قانوناً مثل الإيدز والتلاسيميا (فقر الدم الوراثي) لاعتباره يحمل المرض للأطفال ويكلف تكلفة مادية باهظة جداً، حيث لا يؤخذ برضى الطرفين للزواج ويرفض عقده.
ويذكر المصدر :أن البعض يلجأ للزواج العرفي وهو حامل لمرض مانع صحياً من الزواج ثم يراجع لتثبيت عقد الزواج باعتبار أن زوجته حامل أو قد ولدت فتضطر المحكمة لتثبيت العقد بحكم القانون لحماية حقوق الأطراف والأنساب.
لكن الدكتور أحمد بكور رئيس مركز التلاسيميا في حماة أكد «للثورة»»أنه لايوجد قانون يمنع زواج الخاطبين حتى لوكانا يحملان عوامل أي مرض وراثي أوأي مرض ينتقل عن طريق الدم ، وذكر أن حالات المرض كانت تقترب من الالف اصابة قبل الحرب في محافظة حماة الا ان الرقم يشير في 2019 الى وجود 650مريضا ،وفي قسم سلمية للتلاسيميا 85 مريضا مشيرا الى أن الرقم لايدل على تناقص أعداد المرضى بل نتيجة انقطاع كثير منهم من مراجعة المركز.لأسباب متعددة ،واكد ان اضابير قبول 30الى 40مريضا شهريا في المركز يثبت أن العدد لاينبئ بتنحي المرض .
وذكر الدكتور بكور : أن عيادة ماقبل الزواج يجب ان يكون لها دور أكبر من مجرد اجرائها لعمليات التحليل ويجب أن يترافق بتقرير دقيق ، ويجب أن تكون هناك توعية كاملة بنوعية الأمراض وتحذير الخاطبين من خطورة الزواج اذا كانا حاملين للمرض واظهار نتائج الزواج من خلال عرض علمي دقيق يبرز حالة الأطفال الذين سيأتون للحياة مرضى، ومسيرة الأهل الشاقة في علاجهم ومايقلق رئيس المركز :أن مريض التلاسيميا ليس مصنفا في قائمة المعوقين ولا ضمن قائمة الأصحاء مع أنه يملك طاقة عقلية وجسدية تمكنه من العمل ،وان كثيرا من المرضى يصابون بحالات نفسية شديدة نتيجة احساسهم بعدم تقبل المجتمع المكون من النقابات المهنية وكلية التمريض وغيرها مما يحتاج الى ابراز «شهادة صحية».
ولفت إلى أن التلاسيميا مرض ناتج عن اضطراب وراثي في خلايا الدم يؤدي إلى نقص حاد في إنتاج الغلوبين وتظهر أعراضه خلال السنة الأولى من العمر، وتتمثل بشحوب البشرة مع إصفرار أحيانا وتأخر في النمو وضعف الشهية وإصابات متكررة بالالتهابات.
وحول الاجراءات التي يحاول المركز القيام بها على مستوى القطر قال الدكتور بكور : الخطوة الاولى هي اجراء مسح شامل للمرضى من خلال معرفة هذه الحالات في المدارس وتزويدهم ببطاقة تحليل رحلان الخضاب وذلك لمعرفة توجيه الاجراءات باتجاه تخفيض الحالات بالتدريج, وسوف تطرح قضايا مرضى التلاسيميا على مستوى مجلس الشعب .
حملات التبرع بالدم
قامت جمعية قطرة امل لرعاية الطفولة في مدينة سلمية مؤخرا بحملة تحت عنوان : نقطة دم تعني لهم الحياة …بحملة تبرع بالدم لاطفال التلاسيميا . وذكر الدكتور بكور ان هذه الحملات تحمل معنى المبادرات الانسانية وتوفر جزئيا بعض متطلبات مريض التلاسيميا ،والأهم من كل ماذكر حول المرض يشدد الدكتور بكور على أهمية وعي المواطنين بخطورة المرض ،مشيرا الى أنه عندما لايتحقق هذا الوعي فلابد من قانون يمنع نهائيا زواج حاملي الامراض الوراثية التي تهدد صحة المجتمع وتعافيه، وتخفف من أعباء الأموال الضخمة التي تصرف على المرضى وتخفيف آلام الأهل جراء متابعتهم لحالة مريضهم.
أيدا المولي
التاريخ: الاثنين 26-8-2019
الرقم: 17056