الثقافة في ميدان الحياة

 الملحق الثقافي:فاتن أحمد دعبول :

لا يختلف اثنان أن الثقافة والفعاليات الثقافية بأنواعها كافة، هي المعنية بارتقاء أذواق الناس وصقل مشاعرهم والسعي لتمتعهم بالجمال والحياة، وعلى الجانب الآخر هي المعنية في بناء وعيهم وضميرهم الوطني وخلق فرص أكبر من أجل النهوض بالمجتمع والحفاظ على مقدراته، وترسيخ قيمه والتمسك بهويته، من دون أن نوصد الأبواب في وجه الثقافات الإنسانية الحضارية التي تدعم تطلعاتنا نحو التقدم والازدهار.
ولكن إلى أي حد استطاعت المؤسسات الثقافية أن تقوم بدورها وتشكل عبر فعالياتها قيمة مضافة ونقطة تحول في مجتمعاتنا وخصوصاً أننا مازلنا نعبر مرحلة صعبة بعد غزو إرهابي استهدف ثقافتنا وحضارتنا وقيمنا، وهل حقاً مازال للمثقف دوره الذي نأمل في حركة النهوض؟
يقول رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب د. محمد الحوراني وعبر تجربته في استقطاب العديد من الفعاليات التي ضمنت شرائح ثقافية عديدة وعناوين هامة أنه: بالرغم من أن العمل الثقافي القريب من القبول أو النجاح متعب إلى حد كبير، إلا أنه ممتع في الوقت نفسه، فالعمل السهل أو المستسهل لا يمكن أن يدوم أو يبقى، وانطلاقاً من ذلك يمكنني القول: من الواجب على القائمين على المؤسسات الثقافية وفي الدرجة الأولى وزارة الثقافة بمديرياتها ومراكزها الثقافية وكذلك اتحاد الكتاب العرب بمكتبه التنفيذي وفروعه في المحافظات كلها، الاشتغال على فعل ثقافي نهضوي يمكنه قلب الكثير من المفاهيم والتأسيس لثقافة بناء فكر الإنسان وعقله، لاسيما بعد أن أثبتت الحرب الإرهابية التي شنت على بلدنا ولاتزال، أن ثمة قصوراً كبيراً لحهة بناء فكر الإنسان وثقافته وتربيته.
فبناء الإنسان وتدعيم هويته وتأصيل انتمائه من شأنه أن يوفر الكثير من الدماء والطاقات الشبابية التي كان بإمكاننا ادخارها للمعارك المصيرية الكبرى، ومن هنا تأتي أهمية الحديث والاشتغال على الفكر التنويري النهضوي، ليس بالمعنى الذي اشتغل عليه رواد النهضة قبل أكثر من مئة عام أو يزيد، وإنما بمعنى الثورة الحقيقية على مفاهيم وثقافات التكفير والتخوين والتأثيم والتفسيق، ذلك أن الفكر السلفي الإرهابي التكفيري غزا مجتمعنا بشكل أو بآخر.
هذا الأمر كشف عن سلبيات وثغرات كثيرة في جسد مجتمعنا، وبالتالي جعل المهام الملقاة على عاتق المشتغلين بالشأن الثقافي أكبر والتحديات أخطر، ولعل هذا الأمر يتعلق أول ما يتعلق باستيعاب الطاقات الشبابية وتأطيرها في الإطار الرسمي، لاسيما بعد ظهور توجهات تحاول الإساءة للمشهد الثقافي وإلحاق الضرر والأذى به، سواء من خلال تصرفات لاأخلاقية أو من خلال تعويم الفكر والثقافة الفارغة من مضمونها والبعيدة عن الارتقاء بعقل الإنسان عموماً والناشئة خصوصاً.
وانطلاقاً من هذه القضية بالذات، حاول فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب استيعاب الطاقات الشبابية والعمل على تحريض الفكر من خلال ندوات وفعاليات فكرية وثقافية تارة من خلال أنشطة شبابية بحتة، وأخرى من خلال لقاءات بين الكبار والشباب، فاتحاً الباب على مصراعيه أمام إثارة الكثير من الأسئلة حتى المحرمة أحياناً من غير أن يكون ثمة مانع من انتقاد المؤسسة نفسها بهدف البناء وتعزيز الجيد وتجاوز السلبي، وذلك ومن خلال تشاركية مع مؤسسات تربوية وإعلامية فاعلة.
ونسلط الضوء في الوقت نفسه على جهود المقاتلين في الجيش العربي السوري والمراسلين الحربيين من خلال تكريمهم ومشاركتهم في الأنشطة الثقافية والأدبية، ونحتفظ بحصة كبيرة للاهتمام بالطفل لأنه أساس الاشتغال والبناء في المرحلة القادمة، وكان للأطفال العديد من الأنشطة مشاركين أو الحديث عن أمور اجتماعية وثقافية ترفع من شأنهم.
ويضيف رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب: من الهام أن نذكر أننا سعينا من خلال الأنشطة واللقاءات الثقافية، إلى وضع الشباب أمام مسؤولياتهم من خلال إعطائهم الفرص للتحضير لبعض الفعاليات وإدارتها، وهو ما من شأنه أن يضعهم أمام تحديات كبيرة، وجعلهم شركاء في الفعل الثقافي والنهضوي الذي لا يمكن أن يقوم إلا بتضافر الجهود والتشاركية الحقيقية بين كل فئات المجتمع وشرائحه العمرية.
وإذا كان فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب قد قام ببعض الفعاليات الناجحة، فهو بسبب التشاركية بين مختلف الفاعلين في المشهد الثقافي والمعرفي، وبالتالي فإن النجاح «فيما لو وجد» هو نجاح لهؤلاء الشركاء جميعاً وليس نجاحاً لشخص بعينه من جهة، ومن جهة أخرى فالابتعاد عن الشخصنة والنرجسية هو واحد من أهم أسباب النجاح لأي عمل ثقافي رسمي أو أهلي، وهو ما يجب أن يتم الاشتغال عليه وتكريسه في عقل المؤسسات الثقافية وفي فكر القائمين عليها.
ويؤكد الحوراني أن النجاح هو نجاح للجميع، وبالتالي فإننا بأمس الحاجة لتكاتف الجهود وتعميم الفعل الثقافي الجمعي والتشاركي في مؤسساتنا ومجتمعنا.

 

التاريخ: الثلاثاء3-9-2019

رقم العدد : 963

آخر الأخبار
في اليوم العالمي.. المخدرات وباء يفتك بصحة الفرد والمجتمع  صعوبات تواجه عمل كوادر مستشفى نوى الوطني خبراء لـ" لثورة": منحة البنك الدولي.. مزيد من دعم الجهات المانحة لسوريا بعملية أمنية مشتركة مع السعودية.. سوريا تعلن تفكيك شبكة لتهريب المخدرات  قيمته 300 دولار سنوياً.. أوقاف دمشق تفسخ عقد إيجار 14 مكتباً لأولاد عدنان الأسد تقرير دولي: الاتجار بآثار سوريا لم يعد سراً.. والأسواق تنشط على العلن  بابا الفاتيكان يدين تفجير كنيسة مار إلياس ويدعو إلى دعم دولي لسوريا  غراندي: عودة اللاجئين إلى سوريا تبدأ بخطوات تدريجية ودعم دولي للاستقرار  الشيباني يبحث مع القائم بالأعمال الإيطالي في دمشق تعزيز التعاون    افتتاح  قسم لمستشفى البيروني الجامعي في المزة  اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب تلتقي الفعاليات المجتمعية في حلب  تغذية الأرصدة للتحويل وفق سويفت..  محمد لـ"الثورة": المصارف الحكومية والخاصة جاهزة للربط  "آثار التلوث البيئي وإمكانية المعالجة" في جامعة اللاذقية  الشرع: العمل على وقف الاعتــداءات الإسرائيلية عبر وسطاء دوليين  تسهيلات جديدة  للحصول على جواز السفر في إدلب المخدرات.. من التفكك الاجتماعي والأسري إلى الأمراض العضوية   ثقافة السّم المدسوس هل تنتهي !؟  "كابوس الخيمة"... يطارد النساء حتى بعد العودة إلى الموطن "تجارة درعا": إلغاء ضريبة الديزل على الحافلات يشجع التبادل التجاري   من ديوان الأمويين إلى عصر التتبع الرقمي.. هل يلحق البريد السوري بالزمن؟