مما لاشك فيه أن اي كتاب مهما كان فهو يشكل إضافة جديدة الى المعارف التي تتفجر بسرعة.. وهو لبنة في قراءة تاريخ طويل أو بأي مجال كان.
من هنا نقرأ اي كتاب يحاول أن يقدم باقة من المعطيات حول موضوع ما.. كتاب موضوعات تاريخية عن اللاذقية الصادر حديثا عن الهيئة العامة السورية للكتاب وهو من تأليف د.خالد فتاحي يصب في هذا المنحى.
صحيح أن الكتاب حدد من العنوان موضوعات تاريخية وربما كان الأجدر أن يكون صفحات من التطور الاجتماعي والحضاري والاقتصادي عن مدينة اللاذقية.
وليس اللاذقية لان الكتاب توقف عند المدينة وقدم معطيات ومعلومات مهمة حول الكثير من النواحي الاجتماعية والصناعية وغيرها.. يضاف ذلك إلى الجهود التي بذلت من قبل باحثين آخرين قدموا قراءات وحفريات في تاريخ المدينة ومن هؤلاء هاشم عثمان الذي اقترب من الجانب الثقافي والسياسي اكثر من اي جانب آخر، لاسيما في كتابه المخصص للصحافة في الساحل السوري.
وهنا يمكن الإشارة إلى أن الكتاب الذي نتحدث عنه اليوم اهمل الجانب الثقافي والمعرفي ولكن هذا لا ينقص شيئا من قيمته وأهميته فهو يتكامل مع الكتب الأخرى وما اكثرها.
يقول المؤلف في مقدمة كتابه أن مشاركته في عمل لجان الدراسات التاريخية والأثرية في مديرية أوقاف اللاذقية منذ عام ٢٠١٢م والجو العلمي السائد فيها، كل ذلك حفزه على كتابة موضوعات متنوعة مستقلة بعضها عن بعض وبفترات زمنية متباعدة وقد اتبعت المنهج الوصفي العلمي في البحث قدر الإمكان. هذا بالإضافة إلى محاولتي ابعاد الكتاب عن الجفاف بذكر بعض الاشعار أو الاخبار الطريفة المتعلقة بالموضوع. وكان الاعتماد على المصادر التي كتبها المؤرخون الذين عاشوا أحداث الزلازل أو كانوا اقرب زمنيا لحدوثها ما يعطيها المزيد من المصداقية.
أم كلثوم في اللاذقية
من الجميل أن الباحث عندما خصص بضع صفحات للحديث عن السينما باللاذقية توقف عند ما جرى لام كلثوم فيها، وقبل الحديث عن ذلك لابد من إشارات سريعة إلى ما قاله عن السينما..
يشير الباحث إلى أنه كانت هناك ثلاثة أمكنة لعرض الافلام الصامتة التي كانت تسمى الخرساء وذلك في عشرينات القرن الماضي اي حوالي ١٩٢٥م، الأول كان في الخان شمال دار عبد القادر شريتح وقد هدم فيما بعد. والمكان الثاني هو سينما صيفية مكشوفة في نفس مكان سينما أوغاريت حاليا. اما المكان الثالث فهو مسرح شناتا الكبير على البحر مقابل الكازينو حيث أقامت ام كلثوم حفلاتها الغنائية في اللاذقية يومي ١٧و١٨ايلول ١٩٣١ وبعدها في ٢٢حزيران ١٩٣٣م.
وقد تبارى شعراء اللاذقية في مدحها ومما وصل من ذلك قول الشاعرمصطفى عبد الكريم فيها:
أم كلثوم والإسماع مصغية
إلى النسيم لأرواح وابدان
اذا شدت تنصت الدنيا لنغمتها
في مصر في الشام في أنحاء لبنان
عصفورة في جنان الخلد قد هبطت
اهلا بالعصفورة في ثوب انسان
ومن الطريف انه يذكر ما جرى بين ام كلثوم والمصور هوان حينها، فمن المعروف أن ام كلثوم بخيلة، كان هوان المصور الوحيد في ذلك الزمان باللاذقية طلب ١٥ قرشا عن كل صورة ولكنها لم ترض أن تدفع الا عشرة قروش فقط ولم يتوصلوا إلى اتفاق بينهما وهكذا لم يتم توثيق الحفلة.
بعد هذا يعرض الباحث لعشرات دور السينما التي أقيمت باللاذقية وطقوس حفلاتها التي تبدأ بنشيد حماة الديار.. ويخلص إلى القول: لم يبق إلا سينما واحدة هي الكندي.
وخلاصة القول: يتحدث هذا الكتاب مفصلاً عن أوابد اللاذقية، ومنها قلعة اللاذقية المندثرة، والأعمدة الرومانية فيها، وما ألمّ بها من زلازل، ومراحل تزويدها بالمياه، وفي الكتاب نبذة عن الصناعات اليدوية والحرفية، ودور السينما التي عرفتها اللاذقية، وفيه وصف لأحيائها كما كانت في الماضي.
يقع الكتاب في 264 صفحة من القطع الكبير، صادر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب.
Yomn.abbas@gmail.com
يمن سليمان عباس
التاريخ: الجمعة 13-9-2019
الرقم: 17074