قد يبدو العنوان غريباً فالكاردينيا شجرة لم تكن تعيش في تربتنا لكننا نعشقها ,أصلها من الصين واليابان ،لكن بيوتنا تحتفي بعطرها و في حدائق الساحل تعلن زهوها وانتماءها ،كانت المرة الأولى التي رأيتها عند بائع على الرصيف يبيع بعض الورود إنها:الغاردينيا عالم من وريقات بيض تسبح في أروقتها روح شفافة عائدة من مغامرة مرحة مع القدر ,زهرة بيضاء مكونة من الشمع الأبيض ,و البائع ينادي « شم الورد ببلاش» مدركا أن هذا الاعلان سيعمل على انفاق بضاعته فمن يشم زهرة الغاردينيا سيشتريها بجذورها وتربتها وخضرة ورقها اللامع ويقول أحد المصادر :إن أول مرة ترى فيها الغاردينيا في المشتل أو عند بائع النباتات، تسحرك في الحال برائحتها وأوراقها الخضراء اللامعة الغنية. ولا تملك إلا أن تشتريها في الحال لتربيها بنفسك أو كهدية إلى أحبائك. تنمو الغاردينيا جيدا إذا توفر لها الجو المعتدل والرطوبة العالية والإضاءة القوية غير المباشرة. توضع داخل المنزل في مكان بارد مع مراعاة رش النبتة بالماء بشكل متواصل لأنها تحب الأجواء الرطبة لأن نبتة الغاردينيا حساسة جدا، وتحتاج إلى عناية خاصة.
مفارقة قد تبدو غريبة أن تتم المقارنة بيننا وبين الغاردينيا لكن الورد الذي أتى من الشرق الأقصى استطاع التأقلم ونحن منذ آلاف السنين متجذّرون في تربتنا وما إن تغير الطقس حتى انقلب الكثير فصار الجذر بالعراء جافا يابسا وما إن تغير مكانها حتى تحزن فلا تعطي زهرا وتبهت ألوان ورقها.
كثير من السوريين عادوا من الخارج ولم يستطيعوا الابتعاد، أعادتهم رائحة أمهاتهم أحيانا وأعادهم الهواء ولون السماء وجدران الحي ,وبعضهم الآخر مازال يقارن بين العيش هناك والعيش هنا ناسيا أن «تغير الطقس»يخلق أوجاعا مختلفة وناسيا أن الحرب هنا تختلف عن الحرب هناك ,بينما
تزحف رائحة القهوة من شقوق نافذة الجيران لتصلك فتعاف روحك كل بلاد الغربة وتألف فقط خشب شباكك وصوت جارتك التي تثرثر طوال الوقت وترغب أن تعيش تلك اللحظات من الاستكانة الكسلى مع قهوة بنكهة البلد والولد ، في بلد تهشم زجاجه لكنه يعلن أنها ليست تلك المرة الاولى التي ترفع فيه الأعمدة /بعد انهيار/ ويغير لون الزجاج ويضيف فسيفساء جديدة الى لوحة فريسكو في سقوف بيوتنا ومنازلنا .
أيدا المولي
التاريخ: الثلاثاء 15-10-2019
الرقم: 17098